كثرت في الآونة الأخيرة التصريحات والدعوات والمبادرات الرامية جميعها الي ضرورة التصالح مع الجماعة المحظورة اتباعا لمبدأ " عفا الله عما سلف " .. ومع تنامي هذه الدعوات استمرت الجماعة في ممارسة العنف وترهيب المواطنين بزرع قنابل في عدة مناطق بعضها انفجر وخلف ضحايا أبرياء وبعضها تم كشفها قبل الانفجار ، وما زال هذا الفصيل الشارد يقوم بكل ما من شأنه تعكير صفو المصريين واشاعة الفوضي والاضطرابات في البلاد لتفشيل خارطة الطريق ودعم الأمن والاستقرار في مصر.. ولا نعلم هل يعلم أصحاب التصريحات والمبادرات المنادية بالصلح تاريخ هذا التنظيم منذ نشأته قبل ثمانون عاما أم أنه يتعامل مع المرحلة فقط.. وإذا ما أرهق هؤلاء أنفسهم بالاطلاع علي تاريخ الجماعة الدموي لما فكروا في هذه الدعوة التي هي في حقيقة الأمر حق يراد به باطل ، فالصلح في حد ذاته لا نعترض عليه ، فهناك شباب منتمي للجماعة هو في حقيقة الأمر مغرر به ولم يفق حتي الآن من سحر " الرقية " ويمين " الولاء والبراء " هؤلاء جزء من الشعب المصري مرحبا بهم في أي وقت بشرط التبرأ أولا من أفكار ومعتقدات هذه الجماعة التي اتخذت الدين ستارا لتحقيق أهدافها المشبوهة في السيطرة علي الدول والبلاد بزعم كاذب .. سبق وحنثت الجماعة بكل الوعود وأخلفت كل العهود منذ تأسيسها علي يد الامام حسن البنا الذي ارتكبت في عهده أعمال اغتيال وحرق وتدمير لمعارضيهم ، ونذكر من هذه الأعمال ما تضمنه كتاب " مع الامام حسن البنا " للدكتور محمد عساف الذي أشار فيه الي عدة حوادث قام بها تنظيم الاخوان منها اغتيال المستشار القاضي الخازندار الذي حكم علي مجموعة من شباب الإخوان حكماً قاسياً فما كان من التنظيم الخاص الا أن تخلص منه انتقاما لحبس اعضاء الجماعة ، وهي العملية التي اعترف بها محمود الصباغ أحد قادة التنظيم السري للإخوان ود. محمود عساف السكرتير الخاص لحسن البنا ومسئول المعلومات ومستشار التنظيم السري ، أيضا اغتيال رئيس الوزراء الأسبق محمود النقراشي باشا ردا علي قيامه بحل جماعة الاخوان ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم . تفجير قنابل في جميع أقسام البوليس في القاهرة يوم 2 ديسمبر عام 1946 هي عملية شبيهة بما تم من احراق أقسام الشرطة عقب ثورتي 25 يناير ، و30 يونيه وهو ما يكشف عن تاريخ الجماعة الدموي وأن عمليات الحرق والتدمير لم تكن وليدة أو ابتكار قادة الاخوان الجدد أمثال البلتاجي وبديع والعريان ، بل كانو ينفذون ما تربوا عليه وما اعتنقوه من أفكار الاخوان الأوائل أمثال مؤسس الجماعة حسن البنا ، وسيد قطب . ومع حلول عام 1948 تحول موقف البنا من المساند والداعم للملك فاروق الذي كان يسبح بحمده الي المعارض له ولمختلف القوي السياسية ، فأصبح البنا عدواً للجميع ومصدراً للقلق فقد تحالف المرشد مع عزيز المصري - قائد الجيش السابق - الذي ضغط الإنجليز علي الملك فاروق لعزله، وسعي في تجنيد عناصر له داخل الجيش ومن هؤلاء كان أنور السادات، حيث كان أول رجال الثورة الذين تعرفوا علي الإخوان ، وحدث أن أثار قلق القصر ما وقع من انقلاب في اليمن وكان أول انقلاب في البلاد الإسلامية ، واغتيل يحيي حميد الدين - حاكم اليمن - علي يد المعارضين بزعامة عبدالله الوزيري .. وتردد وقتها أن البنا كان له دوراً كبيراً في دعم هذا الانقلاب كما تردد أن فكرة تجهيز الشعب اليمني واعداده للثورة خرجت من مكتب الارشاد لجماعة الاخوان ، وبالتعاون مع حفيد الإمام يحيي. تأثر الامام البنا بتصرفات النظام السري للجماعة الذي كان يقوده عبدالرحمن السندي الذي اغتالت مجموعة من رجاله القاضي أحمد الخازندار بسبب حكمه الشهير بحبس مجموعة من شباب الاخوان ، وما لبث أن تلقي البنا ضربة جديدة بعد أن كشف البوليس السياسي بالصدفة عناصر التنظيم السري وقياداته والذين اعتقلوا جميعا فيما عرف وقتها بقضية "السيارة الجيب" التي عثر فيها علي مستندات تدين النظام الخاص عن حوادث التفجير التي وقعت وهو ما دعا وزارة النقراشي إلي إصدار قرار حل جماعة الاخوان بكل فروعها ومصادرة أموالها وممتلكاتها، واعتقال معظم أعضاء الجماعة حيث قررت مجموعة من رجال النظام الخاص المتبقين اغتيال النقراشي ردا علي قراره بحل الجماعة. دفع ذلك الملك فاروق الي إنهاء أسطورة البنا عندما علم الملك بنواياه الخفية ضده حيث تأكد له أنه تربطه علاقات وطيدة بالشباب المتمرد علي أوضاع الملك الفاسد داخل الجيش المصري والذي بدأت علاقته بهم في وقت مبكر من دعوته خاصة بالمجموعة التي أصبحت فيما بعد قيادة ثورة يوليو، وكان أول من تعرف منهم علي البنا الرئيس الراحل أنور السادات ، وتعددت لقاءات السادات بالبنا الذي كشف له عن تشكيلات الإخوان العسكرية.. كانت علاقة الاخوان بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر قوية ومتميزة ، ولما لا وقد كان عضوا في الجماعة قبل أن ينفصل عنها ، ولأن الاخوان كان لديهم اعتقادا راسخا أنهم من دعوا وخططوا لثورة 23 يوليو ، فقد أرادو وبعد نجاح الثورة أن يفرضوا رأيهم علي مجلس قيادة الثورة ، فأقنعوا ناصر بضرورة حل الأحزاب السياسية وقد تحقق لهم ما أرادو ، وقدم المرشد وقتها إخطارا "رسمياً" الي وزارة الداخلية بأن الاخوان جمعية دينية دعوية، وأن أعضاءها وتكويناتها وانصارها لا يعملون في المجال السياسي، ونفي أن يكون من بين أهداف جماعة الإخوان المسلمين الوصول للحكم ، الأمر الذي جعل قانون حل الاحزاب الذي اصدره مجلس قيادة الثورة لا ينطبق على الاخوان المسلمين. بعد أربعة أشهر على قيام الثورة، وبالتحديد في صبيحة يوم صدور قانون حل الأحزاب في يناير سنة 1953م حضر إلى مكتب جمال عبدالناصر وفد من الاخوان المسلمين مكون من الصاغ الإخواني صلاح شادي والمحامي منير الدولة وقالا له: "الآن وبعد حل الأحزاب لم يبق من مؤيد للثورة إلا جماعة الإخوان ولهذا فانهم يجب أن يكونوا في وضع يليق بدورهم وبحاجة الثورة لهم"، فقال لهما عبدالناصر: "إن الثورة ليست في أزمة أو محنة، وإذا كان الإخوان يعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فأنهم مخطئون".. لكنه سألهما بعد ذلك: "حسناً ما هو المطلوب لاستمرار تأييدكم للثورة"؟ .. فقالا له: "اننا نطالب بعرض كافة القوانين والقرارات التي سيتخذها مجلس قيادة الثورة قبل صدورها على مكتب الإرشاد لمراجعتها من ناحية مدى تطابقها مع شرع الله والموافقة عليها.. وهذا هو سبيلنا لتأييدكم إذا أردتم التأييد" .. فرد جمال: " الثورة لا تقبل أي وصاية من الكنيسة أو ما شابهها ".. لكنهما أصرا على موقفهما وأبلغا عبد الناصر ان مهمتهما في هذا اللقاء ليست النقاش بل ابلاغ مطالب الاخوان وهي: أولاً: ألا يصدر أي قانون إلا بعد أن يتم عرضه على مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين ويحصل على موافقته. ثانياً: ألا يصدر أي قرار إلا بعد أن يقره مكتب الإرشاد ،وقد رفض جمال عبدالناصر بكل حزم هذين الشرطين لأن الإخوان أرادوا من خلالهما وغيرهما من الشروط الأخرى ان يحكموا من خلف الستار وهو ما نحجوا فيه مع محمد مرسي وكان من نتيجته قيام ثورة 30 يونيه وانهاء حكم الاخوان في أقل من عام وقال جمال قولته الشهيرة "لن نسمح بتحويل الشعب المصري إلى شعب يعيش حياة بدائية في أدغال أفريقيا" ومنذ هذا التاريخ تحول موقف الاخوان تجاه ناصر ورجال الثورة وعارضوهم بشدة في السر والعلن الي أن جاء اليوم الذي حاول فيه الاخوان التخلص من عبد الناصر باغتياله وهو ما يعرف بحادث المنشية بالاسكندرية عام 1954والذي قام فيه أحد شباب الاخوان باطلاق 8 أعيرة نارية علي عبد الناصر أثناء خطابه بقصد اغتياله الا أن المحاولة باءت بالفشل وتم القبض علي المتهم. الاعترافات التي أدلى بها قادة الإخوان بعد حادث المنشية في الاسكندرية دلت على أنهم بدأوا يعملون ضد الثورة ومن مظاهر ذلك اتصال الاخوان بمستر ايفانز المستشار السياسي للسفارة البريطانية بالقاهرة حيث عقدوا معه عدة اجتماعات استمرت ساعات في منزل الدكتور محمد سالم الذي أوضح لمستر ايفانز موقف الإخوان بان تكون عودة الانجليز إلى القاعدة بناءً على رأي لجنة مشكلة من المصريين والانجليز وان الذي يقرر حظر الحرب هي الأمم المتحدة! وكانت هذه الاتصالات موضع مناقشة أثناء محاكمة الإخوان، حيث أتضح من اعترافات المتهمين حقائق كثيرة ومنها ان البكباشي الإخواني عبدالمنعم رؤوف قابل أيضاً موظفاً كبيراً في احدى السفارات الأجنبية وأخبره بأنه يتحدث باسم الإخوان ومرشدهم وأنهم سيتولون مقاليد الحكم في مصر بالقوة ويطلبون تأييد السفارة البريطانية للانقلاب الجديد، ثم أضاف أن "الإخوان" على استعداد بعد ان يتولوا مقاليد الحكم للاشتراك في حلف عسكري ضد روسيا والشيوعية لان إسلامهم يحثهم على ذلك، وأن هذا الحلف لن يتحقق ما دام جمال عبدالناصر على قيد الحياة!! أيضا تنشيط الجهاز السري للجماعة من خلال ضم أكبر عدد من ضباط البوليس والجيش إليه، وقد اتصلوا بعدد من الضباط الأحرار وهم لا يعلمون انهم من تنظيم الضباط الأحرار فسايروهم وساروا معهم في خطتهم.. وكانوا يجتمعون بهم اجتماعات أسبوعية ويأخذون عليهم من هذه الاجتماعات عهداً وقسماً بان يطيعوا ما يصدر إليهم من أوامر المرشد العام وألا ينقضوا بيعتهم للمرشد.. بالاضافة الي تصريح المرشد الذي أدلى به يوم 5 يوليو 1953م لوكالة الأسوشييتد برس قال فيه: "اعتقد أن العالم الغربي سوف يربح كثيراً إذا وصل الإخوان إلى الحكم في مصر، وأنا على ثقة بأن الغرب سيفهم مبادئنا المعادية للشيوعية والاتحاد السوفييتي وسيقتنع بمزايا الإخوان المسلمين.. وبعد أن استفحل خطر اليسار المصري في عهد الرئيس الراحل أنور السادات قرر اخراج عمر التلمساني مرشد الاخوان ورجاله من السجون لمواجهة اليساريين في الجامعات المصرية ومنحهم امتيازات للتواجد بقوة في الشارع المصري الا أنهم سرعان ما انقلبوا عليه كعادتهم دائما مع الزعماء وتم اغتيال الرئيس محمد أنور السادات عام 1980 أثناء حضوره احتفالات ذكري حرب أكتوبر وهو ما عرف ب "حادث المنصة " على يد مجموعة من المنتمين لتنظيم الجهاد والذي ينتمي فكريا لجماعة الاخوان التي انبثقت منها كل الجماعات والحركات الاسلامية في مصر ، ومن أشهر هؤلاء الجناة المنفذين والمخططين لعملية الاغتيال : الملازم أول خالد الإسلامبولي من سلاح المدفعية، والملازم أول عبد الحميد عبد السلام ، والمقدم طارق الزمر ، والشيخ عمرعبد الرحمن والأخيرين منتميان للجماعة الاسلامية التي حضرت مؤخرا اجتماع التنظيم الدولي للاخوان باسطنبول. ويتذكر المصريون دعوة الرئيس السابق مرسي لقيادات الجماعة الاسلامية بما فيهم قتلة الرئيس السادات بطل حرب اكتوبر لحضور احتفالات نصر أكتوبر في قاعة المؤتمرات الكبري بمدينة نصر !! وفى يونيه 1995 تعرض الرئيس الأسبق حسني مبارك لمحاولة اغتيال فى اديس أبابا باثيوبيا علي يد الجماعة الاسلامية وهو فى طريقه من المطار الي مكان اقامته لحضور مؤتمر القمة الافريقية شارك في العملية عشرة ارهابيين مصريين، ونتج عنها مقتل خمسة منهم عبد القدوس القاضي، ومصطفي عبد العزيز محمد، و شريف عبد الرحمن أمير الجماعه الإسلامية باليمن، وعبد الهادي مكاوي، ومحمد عبد الراضي، وتمكن ثلاثة أخرون من الهروب حينذاك وهم مصطفي حمزه"الذى سلمته المخابرات الإيرانية الى مصر" – والذي أفرج عنه محمد مرسي بعفو رئاسي عندما تولي حكم مصر وهو ما يؤكد الصلة الوثيقة بين جماعة الاخوان والجماعة الاسلامية ذراعها العسكري - وكذلك عزت ياسين الذى جمع المعلومات عن وصول موكب مبارك واستخراج جوازات سفر سودانية ويمنية ليستخدمها أفراد المجموعة، وكان الهارب الثالث هو حسين شميط المسئول عن تسليم الأسلحة والتي نقلت من الخرطوم إلي أديس أبابا في حقائب دبلوماسية مليئة بمدافع الكلاشنكوف والذخيرة وقاذفات "آر.بي.جي " وقنابل يدوية. وألقت المخابرات الأثيوبية وقتها القبض على ثلاثة أخرين فى تنفيذ تلك العملية والذين لم يتمكنوا من الهرب وهم "صفوت عتيق، وعبدالكريم النادى، والعربى صدقى" والذى حكمت أثيوبيا عليهم بالإعدام حينذاك ، الا ان الجماعة الإسلامية تمكنت من الوصول الى بضع معلومات تفيد بأنهم أحياء ولم ينفذ حكم الإعدام فيهم حتى الأن، ولكنهم لايزالون أسرى لدى المعتقلات الحربية فى أثيوبيا يمنذ 17 عاما، وقد قام وفد من جماعة الاخوان بزيارة الي اثيوبيا في عهد مرسي للتوسط لدي السلطات هناك للافراج عن المتهمين الا أن محاولاتهم باءت بالفشل.