اتهم حوالي إلفي متظاهر السبت 28 سبتمبر الرئيس السوداني عمر البشير بأنه "قاتل" غداة يوم جديد من الاحتجاجات التي قمعتها قوات الأمن. وكان الاف السودانيين تحدوا قنابل الغاز المسيل للدموع الجمعة للاحتجاج علي تدابير التقشف، في اليوم الخامس من موجة احتجاجات غير مسبوقة قتل خلالها عشرات الأشخاص وأوقف 600 آخرون. وتواصل الحكومة التزام الصمت حيال هذه الاحتجاجات الأضخم منذ تسلم الرئيس البشير الحكم في 1989، لكن المدارس أغلقت حتى الاثنين. وانتقد المتظاهرون السبت 28 سبتمبر مقتل "الشهيد" صلاح مدثر الذي قتل الجمعة خلال تظاهرة في الخرطوم بحري. وقال احد الشهود إن حوالي الفي متظاهر منهم نساء وأطفال، رددوا "البشير انت قاتل". وهتفوا ايضا "فليسقط، فليسقط نظام" البشير. وقد حصلت هذه التظاهرة بعد تشييع مدثر (28 عاما)، في احد الإحياء الراقية في الخرطوم. وهو صيدلي يتحدر من عائلة ثرية معروفة في عالمي الإعمال والسياسة. وأوضح قريبه لوكالة فرانس برس انه "قتل برصاصة استقرت في قلبه مساء الجمعة". وتحدثت الشرطة من جانبها عن مقتل اربعة مدنيين الجمعة في الخرطوم وضاحيتها، مؤكدة انهم قتلوا برصاص مجهولين. ونقلت وكالة الانباء السودانية عن الاجهزة الامنية قولها ان "مسلحين غير معروفين اطلقوا الجمعة النار على متظاهرين في خرطوم بحري والخرطوم وام درمان وقتلوا اربعة مدنيين". وتتحدث الشرطة حتى الان عن 29 قتيلا، لكنها لم تقدم اي ايضاح حول ظروف مقتل هؤلاء الاشخاص. ويقول شهود وبعض اقارب الضحايا ان معظم المدنيين قتلوا برصاص الشرطة. واتهمت منظمتان غير حكوميتين هما المركز الافريقي لدراسات العدالة والسلام ومنظمة العفو الدولية اللتان تحدثتا عن حصيلة من 50 قتيلا يومي الثلاثاء والاربعاء، القوات الامنية باطلاق النار عمدا على المتظاهرين. ودعت المعارضة وناشطون هذا الاسبوع الى مواصلة التظاهرات. ودعا حزب الامة المعارض بزعامة رئيس الوزراء الاسبق الصادق المهدي "الشعب السوداني الى تكثيف الاحتجاجات"، وطالب تحالف شبان الثورة السودانية "باستقالة رئيس الدولة ... والحكومة الفاسدة". ومنذ قرار الحكومة الاثنين رفع الدعم عن المحروقات في اطار مجموعة من الاصلاحات الاقتصادية، يتظاهر السودانيون بأعداد كثيفة في عدد كبير من المناطق وتحولت الاحتجاجات الى اعمال شغب في بعض منها. واعلنت وزارة الداخلية مساء الجمعة توقيف 600 شخص "لمشاركتهم في اعمال تخريب"، موضحة انهم سيحاكمون الاسبوع المقبل. وقطعت شبكة الانترنت الجمعة للمرة الثانية خلال أسبوع، أعيدت إلى الخدمة في المساء. اغلقت السلطات من اجل التعتيم على التظاهرات الجمعة مكتبي قناتي العربية وسكاي نيوز العربية في الخرطوم، كما ذكرت هاتان الفضائيتان. صادرت السلطات من جهة اخرى، ثلاث صحف يومية او منعتها من الصدور علما بانها مؤيدة للحكومة. وقال مدير تحرير صحيفة مستقلة منعت من الصدور منذ الخميس انه ليس مسموحا نشر معلومات غير تلك الواردة في تقارير قوات الأمن عن التظاهرات. ويشهد السودان منذ 2012 تظاهرات بين الحين والأخر ضد النظام لكن بدون إن تجتذب حشودا كما حدث في بعض دول المنطقة التي أطيح ببعض قادتها في السنوات الأخيرة. وقد وقعت تظاهرات عنيفة ضد نظام البشير في 2012 بعد إعلان إجراءات تقشف منها زيادة الضرائب وزيادة سعر النفط. وخسر السودان، وهو من البلدان الإفريقية الفقيرة، مليارات الدولارات من موارده النفطية منذ استقلال جنوب السودان قبل سنتين، ومن حينها يعاني من تضخم كبير ومن صعوبات لتمويل ايراداته. ودانت الولاياتالمتحدة الجمعة "القمع الوحشي" و"غير المتكافىء" من جانب السلطات السودانية، وأعرب الاتحاد الاوروبي عن "قلقه" ودعت المفوضية العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان قوات الامن الى "اقصى درجات ضبط النفس".