رصدت صحيفة الشرق الأوسط السعودية، صورة بالقبعة العسكرية للفريق أول عبد الفتاح السيسي معلقة على واجهة دكان بقالة خلف برج القانونيين السكني بكورنيش النيل في ضاحية المعادي بالعاصمة المصرية القاهرة، وكتب تحت الصورة الملونة بخط أحمر "تحيا مصر". وأضافت الصحيفة – في عددها الصادر الثلاثاء 10 سبتمبر- أن التكهنات تدور في الوقت الحالي حول فرص ترشح السيسي لموقع رئيس الدولة في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى مطلع العام المقبل، رغم أن السيسي نفسه نفى أكثر من مرة رغبته في الحكم، مكتفيا بدوره قائدا للجيش في حفظ الأمن القومي للبلاد. ويربط ملايين المصريين بين المرحلة الجديدة التي تمر بها مصر والتي تتسم بقدر كبير من الحزم، ومرحلة حكم الرئيس السابق محمد مرسي التي استمرت سنة، وينظر إليها كثير من المواطنين باعتبارها "مرحلة هشة" غلبت فيها مصالح جماعة "الإخوان" التي ينتمي إليها مرسي على مصالح غالبية الشعب. وفي الشوارع الضيقة خلف برج القانونيين الراقي، تمتد صفوف من العمارات والدكاكين والمقاهي، وتسمع خلال المشي في هذه المنطقة، التي أعطت أصواتها ل"الإخوان" في خمسة استحقاقات انتخابية خلال العامين الماضيين، أغنية "تسلم الأيادي"، أشهر الأغاني الشعبية المؤيدة للخطوات التي اتخذها الجيش والتي تضمنت الإطاحة بمرسي وإبعاد جماعة "الإخوان" عن الحكم. ويضع كثير من أصحاب المحال التجارية والمقاهي والحافلات صور السيسي باعتباره القائد الأول في مصر. وما زالت المناقشات السياسية الصاخبة التي فجرتها ثورات الربيع العربي تدور في شوارع القاهرة وفي المقاهي والمنتديات. وفي بلد يبحث عن مستقبل آمن اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، يلاحق المواطنون القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإلكترونية التي تتناول كل ما يتعلق ببلدهم البالغ عدد سكانه نحو 85 مليون نسمة، بينما تعرض معظم قنوات التلفزيون الحكومية والخاصة لقطات تحتفي فيها بالجيش والسيسي، الذي يتميز بالحسم وقلة الكلام وقلة الظهور منذ كان قائدا للمخابرات الحربية في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، القادم من الجيش. وتولى قادة ذوو خلفيات عسكرية الحكم منذ عام 1952، فيما عدا السنة التي حكم فيها مرسي وانتهت في الثالث من يوليو الماضي بسبب السخط الشعبي، وترك مرسي الدولة منقسمة على نفسها سياسيا ويتهددها خطر تنامي الإرهاب خاصة في سيناء. ومنذ الإطاحة بمرسي بدا السيسي بخطاباته الهادئة والحازمة في الوقت نفسه، كشخصية قيادية ملهمة، مما دفع جماعة الإخوان لاتهامه بالسعي لإعادة الجيش للسلطة بعد عزله "أول رئيس مدني منتخب" قبل شهرين، لكن السيسي نأى بنفسه عن الظهور في فعاليات المرحلة الانتقالية التي تقودها حكومة مدنية ورئيس مدني مؤقت. وتقود الحكومة حملة ضد القيادات العليا والوسطى في جماعة "الإخوان" بتهم من بينها التحريض على العنف و"الإرهاب" أو المشاركة فيه، بالتزامن مع حملة يقودها الجيش والشرطة ضد معاقل لمتشددين في سيناء. وقال مصدر عسكري قريب من الفريق أول السيسي: "إن الرجل لا أعتقد أنه يفكر في هذا الأمر.. مسألة القيادة متحققة بالفعل، لأنه تدخل في الوقت المناسب واستجاب لرغبة ملايين المصريين (في التخلص من حكم مرسي)، وهذا يغنيه عن أي شيء آخر". وأضاف:"ما يهمه في المرحلة الحالية هو أن تعبر مصر من عنق الزجاجة، ويتحقق الاستقرار ويأمن المصريون على أنفسهم ومستقبلهم". وأوضح قيادي سابق في البرلمان كان عضوا في لجنة "الدفاع والأمن القومي والتعبئة القومية" في البرلمان السابق، إن الجيش لا يهمه أن يكون لاعبا في العملية السياسية، ولا يعنيه أن يكون موجودا بشكل مباشر على رأس السلطة، ولكن يهمه أن يكون حارسا للدولة وأمنها القومي. وأضاف القيادي البرلماني السابق، طالبا عدم ذكر اسمه، إنه خلال وضع الدستور الجديد في عهد مرسي العام الماضي، كانت للجيش مطالب وافق عليها واضعو الدستور حينذاك، منها الحفاظ عليه كمؤسسة مستقلة، بما فيها الجانب الاقتصادي.."أعتقد أنه، رغم العاصفة التي أثارها المشرعون الإسلاميون أيام مرسي، بشأن ميزانية الجيش وغيرها من الأمور التي تخص هذه المؤسسة الكبيرة، فإنه حافظ على كيانه كما كان عليه الأمر منذ عقود، وبالتالي لا أظن أن مسألة السلطة تعنيه، وأشك في ترشح السيسي للرئاسة". ويتفنن المصريون في وضع صور السيسي بملابسه العسكرية على لوحات فيها صور لرؤساء قادمين من الجيش، منذ منتصف القرن الماضي، وفي الأساس محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات، باعتبار أن لهم مواقف فارقة في تاريخ بلادهم. وأضاف:"على ألا يتعارض (ذلك) مع الدستور، فالمزاج المصري الآن أصبح غاضبا خائفا من الفوضى والإرهاب، مشيرا إلى أنه يتبادر إلى الذهن المصري مباشرة أن المطلب رئيس عسكري وقد يكون هناك مدني يفهم ذلك ويقدر عليه، والفريق السيسي في لحظتنا تلك هو أكثر الناس شعبية في مصر، وإذا ترشح فسيفوز باكتساح. وذلك طبقا للوضع الحالي واللحظة الراهنة".