"الدعاة إلي الله يجب أن يبتعدوا عن أطماع ومناورات السياسة، أنا لا أريد أن أكون حاكماً بالإسلام، وإنما أريد أن يحكمني من يشاء بالإسلام" .. محمد متولي الشعراوي. مرت 15 عام على ذكرى وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، 17 يونيو 1998، أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث، وأبرز الدعاة الذين قاوموا الوصول إلى الحكم عبر منابر الدعاة، ولقبه البعض بإمام الدعاة . وبرغم مرور 15 عاما على وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوى إلا أن انفعالاته الصادقة في حب مصر مازالت تعبر عن حالها وقال الشيخ : "يجب علينا أن نتنبه جيدا إلى ما يراد بنا من كيد وما يراد بنا من شر فأروني في مصر .. مصر الكنانة .. مصر الذي قال عنها رسول الله صلي الله عليه و سلم :"أهلها في رباط إلى يوم القيامة" من يقول عن مصر أنها أمة كافرة ؟ إذا فمن المسلمون؟ من المؤمنون؟ مصر التي صدرت علم الإسلام إلى الدنيا كلها صدرته حتى إلى البلد الذي نزل فيه الإسلام هي التي صدرت لعلماء الدنيا كلها علم الإسلام أنقول عنها ذلك ؟ ذلك هو تحقيق العلم في أزهرها الشريف". وعبر الشيخ عن رأيه في العلاقة بين الدين والسياسة - بأحد الأحاديث الصحفية - قائلا: "أنا أرفض قيام أي حزب سياسي علي أساس ديني, لأن السياسة هي العمل للوصول إلي الحكم والدين هو العمل للوصول إلي الله, والسياسة صراع فكري بشري ضد فكر بشري آخر, أما الدين فهو خضوع الفكر البشري للفكر الإلهي, والفرق كبير بين الاثنين, ولا يحتاج إلي شرح أو إيضاح". وقال الشيخ في علاقته بالسياسية إنه "عند بدء إنشاء جماعة الإخوان كنت من المؤسسين وعمري 19 سنة, واختارني الأستاذ حسن البنا لكتابة البيان الأول الذي تضمن أهداف الجماعة, وكنت في ذلك الوقت مأخوذا بما كان يقال من أنها جماعة لنشر التربية الإسلامية وليس لها أهداف أخرى، ولكني اكتشفت بعد ذلك أن لها هدفا لم تعلن عنه في البداية وهو الوصول إلي الحكم, ثم اكتشفت أنها في سعيها إلى الحكم تستخدم العنف ولها نشاط خفي لا أعلم عنه ولا يعلم الأعضاء عنه شيئا يتمثل في التنظيم الخاص فافترقت عن الجماعة". وذكر الشيخ في إحدى الأحاديث أنه كان مشاركا في ثورة الشباب ضد الاحتلال البريطاني والمطالبة بالاستقلال, وكان متحمسا لسعد زغلول وللوفد والنحاس واكتشف أن الأحزاب كلها تحولت إلي هدف آخر, فانصرفت عن الأحزاب وعن السياسة وأدركت أن الدعاة إلى الله يجب أن يبتعدوا عن أطماع ومناورات السياسة, وقال الشيخ "أنا لا أريد أن أكون أنا الذي يحكم بالإسلام, وإنما أريد أن يحكمني من يشاء بالإسلام". ولد محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. وفي عام 1922 م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي، والتحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فثورة سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. وبدأ الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسيره للقرآن الكريم على شاشات التلفاز قبل سنة 1980 بمقدمة حول التفسير ثم شرع في تفسير سورة الفاتحة وانتهى عند أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف وحالت وفاته دون أن يفسر القرآن الكريم كاملاً. يذكر أن له تسجيلاً صوتياً يحتوي على تفسير جزء عم. وأوضح الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، منهجه في التفسير: خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن. وإنما هي هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات. ومن أشهر أشعار الشيخ الشعراوي "شباب مات لتحيا أمته .. وقدم روحه للحتف والمكان قربانا لحريته ونهر الاستقلال .. نداء يا بني وطني نداء .. دم الشهداء يذكره الشباب .. شباب برَّ لم يفْرِق.. وأدى رسالته، وها هي ذي تجاب .. فلم يجبن ولم يبخل وأرغى .. وأزبد لا تزعزعه الحراب.. وقدم روحه للحق مهراً .. ومن دمه المراق بدا الخضاب .. وآثر أن يموت شهيد مصر.. لتحيا مصر مركزها مهاب".