إني أري نارا تندلع بين المسلمين لن يكون من السهل إخمادها. وللأسف تتخذ السياسة المصرية منحني لا يتسق مع مضمون مصر ولا مع سياستها عبر الحقب المتوالية، اعني السياسة المصرية النابعة من الرئاسة والتي تصدر عنها مواقف لا أظن أنها خضعت لدراسات كافية من مؤسسات الدولة المتخصصة، وأضرب مثالا بالموقف الخاطئ من اثيوبيا، وقرار قطع العلاقات مع سوريا والدعوة إلي التدخل المباشر في القتال الدائر في سوريا عبر ارسال المتطوعين أو المقاتلين من مصر للحرب الضروس هناك، وامداد قوات الجيش الحر في سوريا بالسلاح والعتاد، وهذا الجيش يدمر ويحرق ويقوض أسس الدولة السورية وليس النظام القائم الذي ارتكب ايضا من الفظائع ما لا يوصف، الضحية من الطرفين هو الشعب السوري، فهل يراد لمصر ان تصبح طرفا رئيسيا في هذا الصراع الدموي، واضح منذ سنوات ان خطة تقسيم العالم العربي علي اساس طائفي وعرقي قد بدأت، العراق كان الضحية الاولي، وقد اختفي بالفعل ذلك الكيان الذي قام بعد الحرب العالمية الاولي، لم يعد العراق الذي كان قوة عربية رئيسية موجودا، وكانت أهم خطوة تدمير الجيش العراقي ومحوه من الوجود، لم يكن عسيرا ان الدور قد حل علي سوريا. بالطبع كان العنصر الاول الذي ساعد علي، الاوضاع الداخلية من دكتاتورية وفساد، ولكنها أوضاع عامة في جميع انحاء العالم العربي، استهداف سوريا اسبابه معروفة ومنها دوره في قمع جماعة الاخوان، واعتباره قوة رئيسية في مواجهة اسرائيل، وانني الاشد حزنا علي استهداف هذه القوة التي اتيح لي الوقوف علي بسالة رجالها وشجاعتهم في حرب تشرين «اكتوبر» عن قرب، ان تدمير الجيش السوري واضعافه أو محوه لا قدر الله مقدمة لاختفاء القوة العربية كلها التي لم يتبق منها الا الجيش المصري، انني اخشي من تطورات تحدق به، بدءا من احتشاد المقاتلين في سيناء القادمين من كل حدب وصوب ومظاهرة الاستاد التي ظهرت فيها الاشارات الخضراء التي تعصب الرؤوس، لقد ظهرت هذه العصائب في المكان الخاطئ، فمصر كانت داعية توفيق وتهدئة في أي صراعات مذهبية، ولكن امثال الدعاة القرضاوي والعريفي وكلاهما مصدر إلينا يحاولون صرفها عن دورها ورسالتها في تهدئة أي صراع ينشب بين اطراف المسلمين، اما تأجيج الصراع بين السنة والشيعة فأخشي علي مصر نفسها منه.