يوما بعد يوم تتضح صورة ما يجري في سوريا من حرب أهلية طاحنة ذات بعد مذهبي صريح. نظام حكم ديكتاتوري بوليسي علوي يحاول قمع ثورة أغلبية سنية ثائرة علي الظلم, ولا يتورع عن استخدام كل الأسلحة الموجودة في ترسانته لوأد الثورة. الأطراف الإقليمية والدولية تشارك في الخفاء والعلن في دعم الطرفين لتزداد الحرب اشتعالا. كل طرف بأجندته وبقدر إمكاناته. إيران لا تخفي دعمها للديكتاتور بالسلاح والمقاتلين والخبراء العسكريين والمعلومات الاستخباراتية. حزب الله اللبناني انحاز إلي جانب الأسد, وكشفت مشاهد عديدة هذا الانحياز عمليا. وروسيا تسانده في المحافل الدولية وتعوض له أي نقص في الأسلحة والذخائر لاعتبارات مفهومة. شيعة العراق لم يتأخروا عن التورط في اللعبة بدافع مذهبي أيضا, بدافع الانتقام من السنة في أي مكان. تركيا السنية موقفها واضح ومعلن, اختارت الثوار.. واستقبلت اللاجئين. أطراف عربية سنية قلقة من الخطر الشيعي تدعم المعارضة المسلحة بمساعدات سخية. سنة العراق دخلوا علي الخط رغم محاولات تهميشهم وإقصائهم في بلادهم علي يد حكومة المالكي. فإعلان تنظيم القاعدة في العراق تبنيه قتل48 جنديا سوريا في الأنباروتأكيده في بيان تدمير وإبادة رتل كامل للجيش السوري مع عجلات النقل المرافقة المكلفة بتأمينهم خلال محاولة تهريب عناصر جيش وشبيحة النظام السوري يشير وبقوة إلي اتساع رقعة الصراع المذهبي في سوريا وامتدادها إلي دول الجوار, ويؤكد لكل ذي عينين أن الصراع السني الشيعي يزداد خطورة, وأن عواقبه ستطال أطرافا أخري خارج الحدود السورية. الأزمة تزداد تعقيدا وتشابكا كلما طال أمدها, والحل السلمي يبتعد, والدول الكبري وإسرائيل مازالت في حالة ترقب وانتظار للحظة الانفجار أو الدخول بقوة لحسم الصراع لطرف علي حساب الآخر بعد أن تنهك الحرب كل الأطراف المتصارعة.. وفقا لأجندتها. الخطر يقترب بقوة وبسرعة, والضحايا السوريون تتزايد أعدادهم بمتوالية هندسية. سبعون ألف شهيد ومليون لاجيء وملايين النازحين.. ثمن لم تسدده سوريا في كل مواجهاتها مع إسرائيل! والأسد في عرينه لا يعبأ بالمأساة. لعبة السياسة لعبة قذرة, والتمسك بالسلطة ثمنه أنهار من دماء الأبرياء, وطاحونة الحرب مجنونة لاتعرف الرحمة.. والأمل في الله وحده. رابط دائم :