قال الإعلامي الساخر د.باسم يوسف إن الحاكم هو المسئول الأول عن تعرضه للسخرية وأن الحاكم العادل لا يمكن أن يتعرض لأي سخرية من شعبه بل لا يلقى إلا كل تقدير واحترام. جاء ذلك في ندوة "الإعلام الساخر: هل تتسع له صدور العرب؟"، والتي أجمع فيها المتحدثون على ضرورة أن يبتعد الإعلام الساخر عن الإهانة والتجريح في تناوله لانتقاد الأشخاص والمسئولين والحكام. واعتبر المتحدثون أن سقف الإعلام الساخر ارتفع بشكل كبير في الآونة الأخيرة خصوصا في دول الربيع العربي، وأشاروا إلى أن الحكام والمسئولين يجب أن تتسم قراراتهم وتصرفاتهم بالمصداقية والعدل ويعملون من أجل صالح شعوبهم حتى يتجنبوا التعرض للسخرية والانتقاد. وقالوا إن الحاكم العادل لا يتيح اي فرصة للسخرية منه وانتقاده. وأدار الندوة الإعلامي اللبناني طوني خليفة، فيما شارك فيها كل من باسم يوسف، مُقدم برنامج "البرنامج"، قناة "سي بي سي" المصرية، وخلف الحربي، الكاتب بصحيفة عكاظ السعودية، وسامي الريامي، رئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم"، ومحمد فتحي الصحفي بصحيفة الوطن المصرية، وهند خليفات الكاتبة الساخرة بصحيفة الرأي الأردنية. وقال مدير الندوة طوني خليفة إن الضحك من كثرة الألم وتحول الدموع إلى ابتسامات بات بمثابة بدعة عربية محضة، حيث تمكن العرب من تحويل العذاب والضجر والغضب إلى ضحكات وابتسامات وذلك من خلال الإعلام الساخر والنكتة اللاذعة. وتابع قائلا إن هذا اللون من البرامج أثار زوبعة من ردود الفعل والانتقادات والملاحقات القانونية، واتُهم بأنه لا يُميّز بين الشتم والنقد، وأنه قد حاد في معظم الأحيان عن تقاليد المهنة، فاصطدم بالقوانين والأعراف الراسخة، ليظل تفسير ذلك حائراً ما بين مدى تقبّل العقلية العربية لهذا القالب التعبيري الجديد وفهمه واستيعابه من ناحية، ومدى إتقان القائمين عليه لتوظيف أدواتهم بالأسلوب الصحيح ليحافظوا على اتزانهم على هذا الخط الرفيع، دون الوقوع في زلات أو الانجراف بعيداً عن النسق القيمي والأخلاقي لثقافتنا العربية. وتساءل طوني خليفة إلى أي مدى اضطلع الإعلام الساخر بدور الجلاد ورد التجريح بالتجريح والإساءة بالإساءة، مشيرا إلى أن خير من يرد على هذا التساؤل هو الإعلامي الساخر باسم يوسف، الذي علق بقوله إن مفهوم السخرية لا يحمل معنى الإهانة أو التجريح، معتبرا أن الحاكم هو المسئول الأول عن تعرضه لأي سخرية أو انتقاد؛ فالحاكم العادل لا يمكن أن يتعرض لأي سخرية من شعبه بل لا يلقى من شعبه إلا كل تقدير واحترام. وأضاف باسم أن الأمر ببساطة أنه يعرض منهجا ورأيا إعلاميا ولأي شخص أن يتقبله أو يرفضه. كما سأل طوني عما إذا كان هناك اي حدود للسخرية، فقال باسم إنه لا يقبل بوضع أي قيود على محتوى ما يقدمه طالما أنه ينتقد مواقف وتصرفات الأشخاص، ولا ينتقد الأشخاص أنفسهم أو صفاتهم التي خلقهم الله عليها. وأشار باسم إلى أن "لإعلام الساخر يقدم منتجا والجمهور هو الذي يحدد السقف المسموح، فإذا لم يراع المقدم ما هو مسموح وقدم شيئا ممجوجاً، فإن الجمهور سيرفضه ولن يقبل على المحتوى الذي يقدمه. وشبّه الكاتب المصري الساخر محمد فتحي السخرية بالفأس الذي حطم بها سيدنا إبراهيم عليه السلام الأصنام، مشيرا إلى أنه "طالما هناك صنم، فهناك فاس"، واعتبر فتحي أن "الحاكم يستحق السخرية إذا كان ظالما ولم يراع حقوق شعبه"، وأضاف أن السخرية تعتبر وسيلة وليست هدفا في حد ذاتها. واتهم طوني الإعلام الساخر بأن هدفه في المقام الأول تحقيق مردود مالي وتجاري، غير أن باسم يوسف أبدى رفضه الشديد لذلك، قائلا إن المردود المالي والشهرة يمكن تحقيقهما عبر برامج أخرى وأعمال أخرى بخلاف السخرية، وحول سبب انتقاده الدائم للقنوات الفضائية ذات الطابع الديني، قال باسم إن السخرية في العالم كله تستهدف السلطة والتيار اليميني، ونفى باسم يوسف أنه ينتقد تلك القنوات لأنه علماني، معتبرا أن هناك من يستخدم الدين من أجل الوصول إلى السلطة.