عبرت الصحف اللبنانية، الصادرة السبت 23 مارس، عن تخوفها من إقحام لبنان في أزمة سياسية طويلة وتوترات أمنية مرتبطة بالأزمة السورية، بعد استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بسبب خلاف على الانتخابات النيابية المقبلة وتعيينات أمنية. وكان ميقاتي أعلن في بيان استقالته أن رفض الأكثرية الحكومية تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات الذي من شأنه التمهيد لحصول الانتخابات في موعدها في يونيو المقبل، ورفضها التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي اشرف ريفي الذي يحال إلى التقاعد قريبا، هما وراء الاستقالة. وسلم ميقاتي صباح السبت استقالته الخطية إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وقال لصحافيين بعد اللقاء "المهم أن يبدأ الحوار الوطني، وأن تنشا حكومة إنقاذية في هذه المرحلة الصعبة". ونقلت صحيفة "النهار" القريبة من المعارضة اللبنانية عن أوساط معارضة توقعها "أزمة طويلة في ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة". وتوقفت صحيفة "الأخبار" القريبة من حزب الله عند تأثير الاستقالة على سياسة "الناي بالنفس" التي أرساها ميقاتي بالنسبة إلى الأزمة السورية التي ينقسم حولها اللبنانيون. واعتبرت أن "خطوة استقالة الحكومة تعني إقحام لبنان مباشرة - في هذه الأزمة - ما يعني توقع توترات أمنية ليس فقط على الحدود مع سوريا بل ربما داخل الأراضي اللبنانية". ورأت أن "الفوضى السياسية سوف تطول والانتخابات في حكم المؤجلة". وأشارت كل من "الأخبار" و"السفير" القريبة أيضا من الحزب الشيعي إلى أن ميقاتي أرسل رسالة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يقول له فيها انه سيستقيل إذا لم يتم التمديد لريفي وان نصرالله أجابه "افعل ما يريحك". وانطلاقا من ذلك، تساءلت صحيفة "المستقبل" التي تملكها عائلة سعد الحريري، رئيس الحكومة السابق وابرز أركان المعارضة، "لماذا آثر حزب الله إسقاط حكومته على التمديد" لريفي، مضيفة "هل هناك أجندة أمنية عند هذا الحزب يريد تنفيذها؟". وتتهم المعارضة اللبنانية حزب الله بالتورط عسكريا في النزاع السوري. ورأت صحيفة "ديلي ستار" الناطقة بالانكليزية أن الاستقالة "يمكنها أن تحدث صدمة ايجابية مطلوبة للتوصل إلى توافق على استحقاق رئيسي هو الانتخابات النيابية"، إلا أنها شددت على انه "من الضروري لكل الأطراف أن يتفقوا على خليفة ميقاتي وتشكيلة الحكومة المقبلة وتشكيلها بسرعة حتى لا تواجه حقل ألغام سياسي في الأشهر المصيرية المقبلة". وأشارت إلى أن "الأخطار التي يواجهها لبنان مرئية من الجميع وعلى رأسها الظروف الأمنية بعد عودة التوتر والعنف أخيرا إلى طرابلسوبيروت وغيرها من المناطق". وشهدت طرابلس، اكبر مدن شمال لبنان ومسقط راس ميقاتي، خلال الأيام الماضية اشتباكات بين سنة وعلويين تسببت منذ الأربعاء بمقتل ستة أشخاص وجرح العشرات. واعتبرت صحيفة "السفير" أن استقالة ميقاتي "تحرر الكل" وتفتح الباب أمام "تسويات" حول كل المواضيع الخلافية في لبنان من الانتخابات النيابية إلى التعيينات الأمنية إلى شكل الحكومة المقبل. ورفض وزراء الأكثرية تشكيل هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية لاعتبارهم ان تشكيل هذه الهيئة يعني البدء عملية بالآلية الانتخابية على أساس قانون الانتخابات الساري حاليا المعروف ب"قانون الستين" والذي يرفضه عدد كبير من اللبنانيين خصوصا المسيحيين. ومنذ اشهر، يحاول اللبنانيون التوصل إلى صيغة لقانون انتخاب جديد من دون نتيجة. ويعتبر المسيحيون في الأكثرية والمعارضة، أن "قانون الستين" بسبب تقسيماته الانتخابية التي توزع المسيحيين "34 في المائة من السكان" في دوائر عدة يشكلون فيها أقلية، يجعل أصوات المسلمين هي المرجحة في هذه الدوائر حتى بالنسبة لاختيار النواب المسيحيين. وينظر حزب الله، حليف دمشق، إلى ريفي على انه احد خصومه البارزين. فتحت امرة ريفي وضباط مقربين منه، تمكن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي من كشف مخطط تفجيرات تورط فيه مسئولون سوريون في لبنان أخيرا. كما كان لهذا الفرع دور كبير في كشف خيوط في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري العام 2005 الذي وجهت المحكمة الخاصة بلبنان "دولية" الاتهام فيه إلى عناصر في حزب الله.