استنكرت صحيفة "الخليج" الإماراتية، في افتتاحيتها بعددها الصادر، السبت 9 فبراير، ما حدث لثورة الياسمين التونسية، التي بشرت بالانتقال من الطغيان والاستبداد، وتحولت فجأة لنهج آخر مناقض كلياً، بالقتل والعنف. وذكرت الصحيفة، أن ثورة تونس تدخل مرحلة انسداد الأفق السياسي، ودخول نفق التيه والضياع والفلتان الأمني والخروج على سياق الثورة وأهدافها، بل وبلوغها مرحلة الولوغ بالدم، لولا بروز مناخات تعزز التطرف بأشكاله كافة، في سياق تطورات أدت إلى وصول قوى إلى السلطة تحالفت مع قوى أخرى تحاول الاستئثار والتفرد وإلغاء الآخرين الذين لعبوا دوراً أساسياً في حراك شعبي عارم أدى إلى إسقاط النظام السابق. وقالت الصحيفة إنه ما يمكن أن يقال عن تونس، يقال أيضاً عن غيرها من دول شهدت حركات مماثلة، ووصلت إلى نتائج خطرة من جراء ثقافة العنف التي تغلغلت في ثنايا المجتمعات العربية من خلال مجموعات تحمل أفكاراً متطرفة بدأت تتعزز في أكثر من مكان مع وصول تيارات إسلامية إلى السلطة، حيث ارتفعت لغة التكفير وفتاوى القتل، وانتشرت الميليشيات تحت أعين السلطة، وأحياناً برعايتها، وتحوّل بعضها إلى بيئة حاضنة للعنف المتدحرج، فخلطوا بين حابل الثورة ونابل الدم. وأشارت "الخليج"، إنه لم يكن اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد، خارج هذا السياق أبداً، بل هو في صميمه، حيث إن كل صوت معارض أو مخالف للرأي، هو بنظر هؤلاء المتطرفين هدف مشروع للقتل، لأنهم لا يؤمنون بالحوار ولا بالمعارضة ولا بالتعددية ولا بحرية الرأي، ولا بالديمقراطية ولا بالحلول السياسية، إنما بالعنف تُكَأةً للوصول إلى السلطة إذا استطاعوا، وبالعنف وسيلة وحيدة لمحاورة المعارضين. أضافت، إن عواصف العنف التي تضرب ما يسمى دول “الربيع العربي”، لن تُبقي، في حال استمرت، على أي أمل بالتغيير، لأن من وصلوا إلى السلطة لا يحملون أساساً أي برنامج نهضوي، بل هم منغمسون في احتكار الحكم تحقيقاً لشهوة استبدت بهم . . لذا، فإن كل ما تحقق خلال عامين من “الثورة”، هو الخيبة وتوالد الأزمات وعدم الاستقرار، واتساع رقعة العنف والفوضى.