أكد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن هناك اتجاها قوياً لتطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي ليكون فاعًلا بدولة الإمارات وبخاصة في دبي. وأضاف أن النموذج الاقتصادي لدولة الإمارات بشكل عام، ودبي بشكل خاص وامتلاكها لمنظومة الحلول المتكاملة ومقومات النمو السريع والقدرة على الاستيعاب والتطوير، قد أرسى دعائم قوية لتبوء الدولة موقعاً اقتصادياً إقليمياً وعالمياً بارزاً، ووجهة آمنة في المنطقة لتأسيس وتطوير الأعمال. وقال إن ما تتمتع به إمارة دبي بوجه خاص من اقتصاد حر مرن ومفتوح قادر على استيعاب المتغيرات وفتح آفاق جديدة ورحبة باستمرار، وتنوع اقتصادها وما تمتلكه من بنية تحتية وتقنية ولوجستية تؤهلها لأن تستوعب إضافة قطاع الاقتصاد الإسلامي إلى باقة القطاعات الاقتصادية الفاعلة في الإمارة. وأضاف "نحن على ثقة أن هذا القطاع سينجح ويحقق ما هو منتظر منه وأكثر، وثقتنا هذه تستند على حقائق ومعطيات لا لبس فيها، في مقدمتها ما تتمتع به الإمارة من مكانة مرموقة وموقع رئيسي ومحوري على خريطة الاقتصاد العالمي، وأن إضافة قطاع الاقتصاد الإسلامي إلى هيكل القطاعات الرئيسية المكونة لاقتصاد الإمارة سيشكل إضافة نوعية لخريطتها الاقتصادية المتكاملة ما يؤهلها بقوة لأن تصبح عاصمة للاقتصاد الإسلامي"، منوهاً سموه أن ذلك لا يتعارض في أي مرحلة من المراحل مع سياسة الانفتاح واقتصاد السوق الحر السائد في الدولة بل يتقاطع معه ويتكامل لصالح كافة القطاعات. وحثّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المسؤولين والجهات المعنية في القطاعين الحكومي والخاص وجميع القطاعات الاقتصادية الرئيسية في دبي لتكثيف جهودها، خاصةً أن التحولات الجديدة بموازين القوى المالية العالمية والتغيير الذي طرأ على خريطة الاقتصاد العالمي قد عزز من مكانة دولة الإمارات والثقة المعهودة بها كبلد يتمتع بنظام سياسي واقتصادي قوي ومستقر. وأوضح أن هذا التوجه ليس بطارئ أو جديد، فدبي انتبهت منذ البداية لأهمية هذا القطاع الذي يعززه وجود أكثر من مليار ونصف مسلم حول العالم، بالإضافة إلى مجموع تقديري لمنتجات الاقتصاد الإسلامي يساوي نحو 2.3 تريليون دولار. حيث حرصت دبي على أن تكون الرائدة والسباقة في إنشاء أول مصرف إسلامي على مستوى العالم في سبعينيات القرن الماضي، بالإضافة لوجود أول سوق مالي إسلامي فيها، ما يتماشى مع ما يمتاز به الاقتصاد الإسلامي من مبادئ نبيلة متكاملة كالتشجيع على العمل، وتعزيز التكافل الاجتماعي، وتوجيه المشاريع إلى رعاية الأولويات المجتمعية، وما لذلك من انعكاسات إيجابية على الفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني. ولفت إلى أن النهضة التنموية الشاملة لإمارة دبي التي استندت إلى عقود من التخطيط الجريء للمستقبل، قادرة على التكيف مع المتغيرات واستيعاب كل المستجدات في كافة القطاعات اللوجستية والتجارية والسياحية والمعرفية والمالية، إضافة إلى جهودها المتواصلة في تنويع مواردها الاقتصادية والاعتماد على التجارة والسياحة، وتبني أحدث النظم والتشريعات الجاذبة للاستثمارات الأجنبية والانفتاح الاقتصادي. وسيتم من خلال قطاع الاقتصاد الإسلامي التركيز على عدة مسارات رئيسية تتمحور ضمن مسارات التمويل الإسلامي، والتأمين الإسلامي، والتحكيم في العقود الإسلامية، وتطوير صناعات الأغذية الحلال، والمعايير التجارية والصناعية الإسلامية، بالإضافة إلى مسار معايير الجودة الإسلامية. ومن خلال كل مسار من هذه المسارات سيتم تأمين عدد من الحلول المتكاملة والتسهيلات لدعم قطاع الاقتصاد الإسلامي وتفعيل العمل به، حيث سيتم من خلال مسار التمويل الإسلامي تطوير أدوات التمويل الإسلامي والصكوك الإسلامية ضمن أسواق دبي، وإنشاء مجلس شرعي لاعتماد المنتجات الجديدة حسب المعايير التجارية الإسلامية. وسيركز مسار التأمين الإسلامي على جذب أكبر الشركات العالمية للتأمين الإسلامي لتتخذ دبي مقراً لها، وتطوير أدوات التأمين على مستوى الأفراد والمؤسسات. وسيعمل مسار التحكيم في العقود الإسلامية على إنشاء مركز لتسوية النزاعات والتحكيم في العقود الإسلامية، في حين سيقوم مسار تطوير صناعات الأغذية الحلال بتشجيع الصناعات الغذائية، والتصديق على المنتجات الغذائية والتأكد من مطابقتها للشريعة. أما مسار المعايير التجارية والصناعية الإسلامية فسيقوم بإنشاء مركز مستقل يقوم بالتصديق على المنتجات المصنعة حسب المعايير التجارية الإسلامية، وتنظيم عمل الشركات العاملة في هذا المجال، في حين سيقوم مسار معايير الجودة الإسلامية على تطوير صناعة معايير الجودة للمنتجات الإسلامية من خلال تطوير معايير إسلامية للجودة مشابهة للمعايير العالمية، بالإضافة لوضع معايير التعامل مع المتعاملين. جدير بالذكر أن دبي قد نجحت في فرض نفسها كمركز رئيسي للتجارة العالمية عبر تفوقها في الكثير من القطاعات التي من أبرزها القطاع التجاري المزدهر في الإمارة حيث بلغ حجم تجارتها الخارجية غير النفطية في الأشهر العشرة الأولى من العام 2012 أكثر من 1.1 تريليون درهم، والقطاع المالي بامتلاكها لمركز دبي المالي العالمي واحتضانها لسلسة من البنوك وشركات التأمين العالمية الرائدة، علاوة على تفوقها في القطاع اللوجستي والنقل وما يتضمنه من موانئ قادرة على تفريغ 100 حاوية في الدقيقة، ومطار دولي يستقبل أكثر من 55 مليون زائر كل عام، وشركات طيران تسيّر أكثر من 52000 رحلة سنوياً، إلى جانب شبكة طرق حديثة ومنظومة مواصلات يستفيد منها نحو مليون مستخدم يومياً.
وتحتل دبي مكانة متقدمة على خريطة السياحة العالمية، وتحتضن مجموعة من أكبر مراكز التسوق والأسماء التجارية العالمية بالإضافة إلى موقعها كمركز إقليمي للتجارة والاستثمار في السلع الثمينة والمعادن ومركزاً للعملات الأجنبية، كما تتوافر بها سلسلة من أكبر المصارف وشركات التأمين العالمية، ما يسهم بتعزيز فرص دبي لتصبح عاصمة للاقتصاد الإسلامي بكفاءة واقتدار.