الرائعة كارمن سليمان وسط ما نعانيه من أزمات ومشاكل حادة ومؤلمة جاء فوز المطربة الصاعدة الموهوبة كارمن سليمان بالمركز الأول في مسابقة »أراب أيدول« التي نظمتها شاشة تليفزيون »إم. بي. سي« ليرسم فرحة غامرة علي وجوه كل المصريين مؤكداً أننا لانزال قادرين علي إفراز مفردات الإبداع في سوق الغناء الشرقي الأصيل وكل ما نحتاجه وضع سياسات واضحة المعالم تحمي هذه المواهب وتتولي رعايتها من داخل البيت المصري وقبل ان تمتد إليها أيدي الإهمال .. ونخسر ريادتنا في هذا المجال. ومطربتنا كارمن سليمان هي قيثارة الغناء الجديدة التي توجت منذ أيام بلقب المطربة الأولي بين المتسابقين في المسابقة الشرسة التي نظمتها شاشة إم بي سي ونجحت في رفع علم مصر بعد ماراثون طويل استمر لعدة شهور لم يتجاوز عمرها 71 عاماً وهي لاتزال طالبة بالمرحلة الثانوية في مدينتها الجميلة »الزقازيق« بمحافظة الشرقية، لم تظهر بين يوم وليلة ولكنها حفرت في الصخر منذ أن كانت ابنة السنوات الثلاث فقد اكتشفت الأم »نيللي« موهبتها بحكم عشقها هي الأخري للغناء حيث تولت رعايتها وتدريبها برعاية الأب »عصام« الذي وقف مسانداً ومشجعاً لها لتحافظ علي تنمية صوتها وتواصل في نفس الوقت مراحل تعليمها حتي نالت جائزة المجلس الأعلي للثقافة في مسابقة الأصوات الجديدة التي نظمها منذ عامين لتشارك بعد ذلك في مهرجان الموسيقي العربية وتفوز بالمركز الأول بين المتسابقين ويقوم مطربنا الكبير هاني شاكر بتقديمها علي المسرح في حفل غنائي كان هو نجمه الأول ثم تتواصل خطواتها دون أن تنال أية اهتمامات من الأجهزة الفنية الرسمية في مصر المتمثلة في وزارتي الإعلام والثقافة حتي التقطها شاعرنا الكبير جمال بخيت وقدمها في برنامجه الرائع »نسيم الكلام« علي قناة نايل لايف منذ عامين وجاءت بصحبة والدتها في حلقة كانت تتحدث عن الشاعر الغنائي الراحل حسين السيد وقامت الابنة كارمن بغناء رائعته »ست الحبايب« ألحان محمد عبدالوهاب بينما غنت الأم نيللي »حبيبة أمها« ثم قدمت كارمن عملاً آخر لليلي مراد. وازداد إعجاب شاعرنا جمال بخيت بالموهبة »كارمن« وقرر دعمها فنياً وقد تصادف هذا مع تبني الإعلامية الكبيرة انتصار شلبي رئيسة الإذاعة آنذاك مسابقة لرعاية الأصوات الجديدة مع إحدي الشركات الخاصة وجاءت كارمن ضمن هذه الأصوات ونالت اهتمام أعضاء لجنة التحكيم التي ضمت كبار المؤلفين والملحنين وبينهم حلمي بكر ومحمد سلطان وجمال بخيت ولكن المشروع لم يحقق أهدافه لظهور مشاكل إدارية حالت دون استمراره! كف القمر وعلي الجانب الآخر لم تصب كارمن بالإحباط وظلت متفرغة لدراستها ومحافظة في نفس الوقت علي موهبتها الغنائية حتي تلقت اتصالاً من الشاعر جمال بخيت يبلغها أنه رشحها للمخرج الكبير خالد يوسف لتغني أغنيتين داخل أحداث فيلم »كف القمر« وجاءت بالفعل مع والدتها نيللي وغنت الأغنيتين علي ألحان أحمد سعد وكانت من العلامات البارزة في هذا العمل وفي بنائه الدرامي. بينما غنت الام اغنية ثالثة . وعلي الرغم من بزوغ وتوهج ولمعان موهبة كارمن سليمان في كل ما قدمت ظل إهمال أجهزتنا الإعلامية والثقافية متلازماً لها حتي خرجت خارج الحدود بمسابقة »اراب ايدول« التي نظمتها شاشة »إم. بي. سي« وتنجح باقتدار في إثبات موهبتها وتفوقها علي كل من شارك في هذه المسابقة التي تقدم للفائزين دعمها المادي والدعائي وتتولي رعاية صاحبها وفقاً لعقود رسمية لها ما لها وعليها ما عليها فالعملية في نهاية الأمر استثمار شرعي لموهبة تم تبني موهبتها والانفاق عليها لتصل إلي الناس علي هذا المستوي الفني المبهر! ومع تقديرنا الكامل للمسابقة ورعايتها لأصحاب المواهب الفنية من أولادنا المصريين يظل هناك سؤال حائر وهو: إلي متي يظل إهمالنا لأولادنا أصحاب المواهب الفنية مستمراً وكأنهم غرباء عن أهل البيت الذي نشأوا وتربوا بين جدرانه؟ وإلي متي تظل وزارتي الإعلام والثقافة تقف موقف المتفرج دون أن تحرك ساكناً؟ ولماذا لا تعيد إذاعتنا المصرية تجربتها في رعاية أصوات المواهب الغنائية مثلما فعلت من قبل مع ريهام عبدالحكيم وآمال ماهر؟ ثم أين دار الأوبرا لدعم ومساندة هذه المواهب بالدراسة والتدريب خاصة وعلي رأس هذا الصرح الثقافي المهم الآن د.إيناس عبدالدايم صاحبة الفكر المستنير وأحد أمهر العازفين الموسيقيين علي آلة الفولت في مصر والعالم.. وأخيراً هل صحيح لدينا تليفزيون قادر علي المنافسة مع الغير ليقيم مسابقة مثل »اراب ايدول« يحقق من ورائها الشهرة والثراء الفني والمادي ويعيد إحياء مشروعنا الغنائي لرعاية وحماية المواهب التي في حجم وقامة كارمن سليمان قيثارة الشرق الجديدة وأين نقابة الموسيقيين من أصحاب الأصوات الواعدة وهي نقابة محترمة علي رأسها فنان ومطرب محترم اسمه إيمان البحر درويش ومعه مجلس إدارة من الأساتذة الموسيقيين في مصر؟ وهناك عشرات من الأسئلة الأخري نتمني أن نعثر لها علي إجابات واضحة لتكون الأرض ممهدة لاستقبال كارمن سليمان وغيرها من أصحاب المواهب الغنائية خلال الفترة المقبلة التي تمر بها مصر في ثوبها الجديد بعد ثورة 52 يناير. نيللي وعصام وتحية للأم المحاسبة الموهوبة نيللي عبدالخالق التي تولت رعاية الابنة الرائعة شكلاً ومضموناً مع الأب المحترم عصام سليمان صاحب الفكر المستنير الذي لم يدخر جهداً في توفير الجو والمناخ الصحي لانطلاق حنجرة »كارمن« الذهبية في سماء الغناء دون أن يكون لها ظهر أو سند يفعل ما فعلته معها »إم. بي. سي« والشركة المنتجة التي قررت تبني موهبتها ورعايتها وتقديمها في أبهي صورة لترفع علم مصر عالياً مؤكدة أننا لانزال قادرين علي ريادتنا وتميزنا وتفوقنا في مجال الغناء الشرقي الأصيل الذي نذوب عشقا فيه .