نظرة سريعة للمشهد المصري الراهن وأيضا للقمة العربية الأخيرة في بغداد تكفي لتأكيد حقيقة أن المشكلة الأصعب التي تواجهها مصر والأمة العربية في المرحلة الراهنة هي البحث عن زعيم. حوالي ألف مرشح للرئاسة المصرية، مع الاحترام لشخوصهم، عجزوا عن اقناع غالبية المصريين بأن أحدا منهم لديه القدرة علي قيادتهم إلي خارج النفق المظلم الذي يعيشون فيه وفي قمة بغداد، التي حضرها أقل من 10 حكام عرب، تصدر المشهد قادة الصومال وجيبوتي وجزر القمر! باختصار، يجب ان نعترف ان الجماهير في مصر وكل الدول العربية تفتقد زعماء من نوعية وحجم مهاتير محمد في ماليزيا ونلسون مانديلا في جنوب افريقيا ورجب الطيب اردوغان في تركيا ولولا دا سليفا في البرازيل. هذه النوعية من الزعماء ليس ضروريا ان تكون من العلماء او الجنرالات او رجال الدين او السياسيين المحترفين. تجربة البرازيل ربما تكون اوضح مثال لمعني الزعامة.. في اكتوبر 2002 تم انتخاب لولا دا سيلفا رئيسا ليصبح أول عامل يتولي الرئاسة، رغم انه من اسرة فقيرة وعمل كماسح أحذية في ضواحي ساوباولو وبائع خضار وعامل مصنع حيث فقد إحدي أصابع يده اليسري اثناء عمله ولم يحصل علي تعويض أو حتي علاج من صاحب المصنع فقرر ان ينخرط في النشاط النقابي للنضال من أجل حقوق العمال حتي وصل إلي رئاسة البلاد. ظل دا سيلفا رئيسا لفترتين من 2002 حتي 2011 ورغم شعبيته الرهيبة رفض تعديل الدستور ليتمكن من البقاء في الرئاسة لفترة ثالثة. عندما تولي الرئاسة، كانت البرازيل في ذيل قائمة دول العالم الفقيرة ووصل اقتصادها الي مرحلة الانهيار وكان الفقر يفتك بابنائها بينما سيطر عدد محدود من الاثرياء علي كل شيء.. وخلال سنوات قليلة، استطاع داسيلفا ان يغير الصورة تماما.. سدد جميع ديوان البرازيل ونفذ عشرات البرامج لتنمية الاقتصادية ورفع مستويات المعيشة.. وانتهج سياسة خارجية وضعت بلاده في صدارة المشهد السياسي الدولي المهم غادر داسيلفا الرئاسة العام الماضي وترك البرازيل في المركز السادس بين أقوي اقتصاديات العالم ولديها فائض يزيد علي مائتي مليار دولار واقل نسبة غلاء في العالم الثالث واصبحت البرازيل تصدر للعالم كل شيء من الصواريخ والطائرات حتي البن وعصير البرتقال. وارتبط داسيلفا بعلاقات صداقة مع جميع زعماء العالم من احمدي نجاد في إيران وحتي أوباما في الولاياتالمتحدة وصفته مجلة ايكونوميست بأنه زعيم يقف في منتصف المسافة بين بوش، الرئيس الأمريكي اليميني وتشافيز، رئيس فنزويلا اليساري.. وعندما ترك لولا داسيلفا لم يطارده مواطنوه بهتاف »الشعب يريد اسقاط الرئيس« بل ردد الملايين في وداعه هتاف.. البرازيل تحبك يا لولا. هل بوسعنا في مصر والعالم العربي ان نحلم بمثل هذا الزعيم؟.. ربما، خاصة بعد ان اعلن ماسح احذية قبل ايام ترشحه للرئاسة المصرية!!