انا فتاة عمري 91 سنة ادرس باحدي الكليات ويمكن وصفي بكلمة واحدة »مأساة متحركة علي الارضي«! وإليك قصتي الغريبة التي اتمني ان تقرأها كل فتاة في مقتبل العمر.. ربما تعي الدرس! كنت في المرحلة الثانوية فتاة مثالية.. طيبة لدرجة السذاجة كما كانت تصفني زميلاتي وعاقلة »زيادة عن اللزوم« علي حد تعبيرهم. ثم دخلت الجامعة لأري حياة مختلفة تماما. فتيات وشباب يعيشون حرية بلا حدود ولا قيود وجدول دراسي مفتوح يتعدي السادسة مساء بلا رقابة. وهكذا كله لا ينفي انني اخطأت. بل اعترف انني اخطأت في حق نفسي واهلي، وفي فهم الحرية والحياة، فوقعت فريسة سهلة لاصدقاء السوء وانا في السنة الاولي بالجامعة ومن هنا بدأت المأساة. كنت اترك المحاضرات واذهب كل يوم الي مكان مختلف من الاماكن السياحية مع هذه الشلة الفاسدة، بهرتني هذه الحياة وتلك الحرية فرأيت اماكن لم اعلم عنها شيئا، واحببت شابا منهم، وتوطدت علاقتي به، كانت اول مرة يخفق فيها قلبي بالحب، ولم تكن عندي الخبرة ولا الوعي حتي لايجرفني التيار.. وغمرتني موجة الحب.. فاغرقتني! اخطأت.. نعم اخطأت خطيئة عمري التي اندم عليها الان، وابكي بدلا من الدموع دما! فقد ذهبت مع هذا الشاب الي ابعد نقطة، وسلبني اغلي ماتملكه فتاة! وعندما اكتشفت اخلاقه الرديئة، حاولت ان اهرب من هذ الدائرة الرهيبة، لكنه وعدني بالزواج بعد التخرج مباشرة، كان داخلي خوف الدنيا والاخرة وعندما كنت اعترض علي افعاله الدنيئة يضربني ويهينني ويهددني بالفضيحة. بقيت علي هذا الحال لمدة سنتين وكنت وحيدة لا اعرف كيف اتصرف! فشلت في دراستي بعد ان كنت من المتفوقات وكان هذا مثار دهشة وانزعاج اسرتي التي لا تعرف لهذا سببا فأنا في نظرهم طالبة مثالية طولي عمري. عصف بي عذاب الضمير لانني خنت اسرتي واستغللت ثقتهم بي وهم لايستحقون ذلك. ظهرت في حياتي صديقة في ذلك الوقت انتشلتني من هذا المستنقع الذي كنت غارقة فيه، ولا ادري كيف اخرج منه ، تصدت معي لهذا الشاب »الشيطان« وابعدته عني بعد ان اخذ نصيبه من المتعة والمال، وذهب لحاله، وبدأت استعيد ثقتي بنفس، واعود لدراستي وتفوقي بحمد الله وبفضل توبتي وتقربي الي الله.. كما نصحتني صديقتي »المنقذة«. لكن يبدو ان الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فقد ظللت لفترة طويلة بعد تلك التجربة الأليمة مغلقة القلب امام اي عاطفة، اشعر ان هناك سدا منيعا بيني وبين اي شاب. حتي ظهر مؤخرا شاب استطاع ان يكسر حاجز الصمت بيني وبين الحب مرة اخري فأحببته واحبني وطلبني للزواج. وبالفعل تقدم مع اسرته الي اسرتي.. وهو شاب متدين وممتاز. وانا الان في عذاب رهيب. لانه لا يعرف ما حدث لي من قبل.. الحيرة تمزقني .. فرغم انني والحمد له تبت الي الله وارتديت الحجاب ، وندمت علي كل ماحدث في فترة الطيش هذه ، فانني لا اريد ان اخدع هذا الانسان المكافح المستقيم، فهو لايستحق مني ذلك، واخشي لو حكيت له ما حدث ان اجرحه او أؤلمه.. والاكثر من هذا وذاك ان افقده! بالله عليك.. ماذا افعل؟ الحائرة س. ش الكاتبة: قصتك هذه تحمل الكثير من الدروس والمعاني، اهمها هو المعني الحقيقي. فالبعض يفهم الحرية علي انها فوضي، ويمارس كل انواع العربدة والانحراف تحت لافتة »الحرية« وهؤلاء لا يدركون ان الحرية مسئولية ، والتزام يفرضه الانسان الحر علي نفسه، التزام اخلاقي وديني ومجتمعي يجعل الانسان رقيبا علي ذاته قبل ان يكون هناك من يردعه او يعاقبه. فالحرية عزيزتي اختيار بين الخير والشر، بين الخطأ والثواب، بين الابيض والاسود.. فأرجوكم ايها الشباب لاتظلموا هذه القيمة الغالية المسماة »الحرية« وسموا الاشياء باسمائها الحقيقية! فما حدث من خطأ في استغلالك للثقة التي منحها الله لك اهلك هو نوع من الجنوح، والرغبة في المغامرة التي تدوس علي كل القيم وتسعي الي النشوة والسعادة العابرة، ولن اطيل في هذا الان لان سطورك تقطر ندما والما اي انك ادركت فداحة الخطأ التي ارتكبته ولكن متأخرا!! المهم الان.. وبعد ان عدت الي صوابك، وهداك الله، وتقدم اليك شاب متدين، عصامي ، يحبك وتحبينه، فأنا اري.. وهذا رأي يؤيده علماء الدين ان الستر في هذه الحالة افضل حتي لاتجرحي مشاعره. ولا تضعي حاجزا بينك وبينه. وهذا ليس خداعا لان الاعمال بالنيات. فاذا كانت نيتك هي بناء اسرة سعيدة، متحابة فهي نية خير ومن اجلها يفضل عدم اخباره بما حدث وعفا الله عما سلف.