خلال خمسة أسابيع شاركت في تشييع جنازات أقارب وأحباء توفوا إلي رحمة الله تعالي وغالبيتهم تمت الصلاة عليهم في مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها. وفي كل مرة كانت أعداد الجثامين التي سيصلي عليها خاصة بعد صلاة الظهر تتجاوز العشرين جثماناً ويكتظ المسجد بأعداد غفيرة من المشيعين والمتواجدين للصلاة، ووسط هذا الزحام بداخل المسجد تنتشر أعداد كبيرة من محترفي التسول وهم متحلون بالبجاحة والفظاظة وقلة الأدب، وغالبيتهم يتجهون باحتراف للمتأثرين بالفجيعة علي موتاهم ليطلبوا منهم حسنة دون مراعاة لظروفهم النفسية ونجد متسولاً يطلب حسنة ليدعوا له بدخول الجنة وآخر يطلب الحلاوة ولا أعرف إذا كان المتسول يقصد حلاوة خروج المتوفي من دنيانا أم ماذا وآخرين يشاركون بهمة ونشاط في حمل النعش لخطوات وكأنهم يرجون ثواباً لتفاجأ بإلحاحهم في طلب حسنة من أهل المتوفي، وبالقرب من مقام السيدة نفيسة يقف شخص يدعي الدروشة يتحدث بصوت منكر ومنفر يتهجم ويتهكم علي من معهم المال ولا يعطونه ويبشرهم بمصائب سيبتلون بها والغريب أن جميع المتسولين يتطاولون بالألفاظ الخارجة علي من لا يستجيبون لهم. ومن المؤسف أن بعض العاملين بالمسجد لا يتحلون بالخلق المفروض أن يكون عليه من ينتمي وظيفياً في خدمة مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها. أما خارج المسجد فحدث ولا حرج من الهرج والمرج وسوء التنظيم والزحام وأعداد المتسولين باحتراف وبلطجية الصفارات المنتشرة في أماكن انتظار السيارات. ولو انتقلنا للمدافن بالمناطق النائية مثل أكتوبر ومايو وطريق السويس فسنجد أن التُربية يفتقدون مراسم الدفن الشرعية وكثيراً ما يتم الاعتماد علي البعض من المشيعين الملمين بذلك أو المجتهدين، ومن المدافن نصل في نهاية المطاف لمكان تلقي العزاء ليلاً حيث يلجأ الكثيرون لدور المناسبات الملحقة بالمساجد وذلك منذ أكثر من ثلاثين عاماً نظراً للمغالاة المبالغ فيها من أصحاب محال الفراشة عند إقامة سرادق عزاء بالطريق العام مما أغري دور المناسبات منذ سنوات علي المغالاة التي فاقت سرادقات العزاء وجميع هذه الدور تقدم إيصالات إجبارية بقيمة تقل عن نصف القيمة المسددة لها بحجة أن القيمة غير المثبتة بالإيصال قيمة أتعاب الشيوخ والخدمات، ناهيك عن انتهاء العزاء في التاسعة ليلاً شتاء أو العاشرة صيفاً. ومما سبق نتطلع بأن تقوم وزارة الأوقاف بدور حازم تجاه المتسولين بداخل مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها والمساجد الأخري، وتقويم بعض العاملين بالمساجد المطلوب لهم ذلك وعلي الشرطة القيام بدورها المسبوق خارج مسجد السيدة نفيسة، وأن تقوم وزارة الأوقاف بإقامة مقار بكل مناطق المدافن وتعيين رجال دين للقيام بمراسم الدفن الشرعية علي أن يسدد أصحاب المدافن رسوم سنوية أو شهرية لحساب وزارة الأوقاف أسوة بما يسدد من رسوم للتُربية مقابل الحراسة، وأن تقوم وزارة الأوقاف بمراجعة رسوم دور المناسبات المغالي فيها وتصحيح الأوضاع المغلوطة بها. شريف عبدالقادر محمد القاهرة