شاء القدر أن تذهب حقيبة وزارة الإعلام في تلك الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن إلي اللواء أحمد أنيس ليضيف إلي رصيده بلغة العسكريين مهمة قتالية جديدة تتطلب منه المزيد من بذل الجهد والتضحية والعمل الشاق ليل نهار لإنقاذ ماسبيرو من عثرته والعبور به إلي بر الأمان بعد أن هاجمته العواصف وزلزلت جذوره وتراجعت به إلي الوراء في سوق الإعلام المرئي والمسموع حيث لم يعد له مكان لائق بين منافسيه وما أكثرهم خاصة بعد ثورة 52 يناير المجيدة التي جاءت لتكشف المستور في هذا المبني القابع علي نيل القاهرة منذ أكثر من 05 عاماً..واللواء أحمد أنيس رجل قوي يتميز بالانضباط الشديد وهو صاحب سمعة طيبة ونظيف اليد فقد جاء من المؤسسة العسكرية ليصبح وكيلاً أول لوزارة الإعلام منذ عدة سنوات ويعيش بالقرب من المطبخ السياسي ويتحمل في صمت مهاما كثيرة يتطلبها هذا المنصب في تلك الوزارة السيادية وقد نجح في خلال فترة قصيرة أن يمسك بخيوط العمل الإعلامي وهو الأمر الذي جعله الشخص الوحيد القادر علي قيادة اتحاد الإذاعة والتليفزيون لعدة سنوات متتالية حقق من خلالها استقرارا كبيرا للعاملين به وحاول قدر جهده مواجهة الفساد داخل وخارج ماسبيرو ولكن جاء القدر ليدفع به إلي موقع آخر بعيداً عن منصبه الخطير كرئيس لاتحاد الإذاعة والتليفزيون ويتم تعيينه خلفاً للإعلامي القدير أمين بسيوني رئيساً لشركة الأقمار الصناعية المصرية »نايل سات« ليواصل عطاءه في إدارة منظومة العمل الإعلامي الفضائي في عصر السموات المفتوحة التي جعلت العالم كله أشبه بقرية صغيرة..ومن خلال متابعتي وقربي من اللواء أحمد أنيس أشهد أن الرجل كان مؤمناً في كل المواقع التي تولي قيادتها بالكفاءات البشرية التي تعمل معه ويثق في قدرتهم علي النجاح والتميز خاصة إذا توافرت لهم الظروف المعيشية المحترمة التي تحترم آدميتهم علاوة علي العمل باستمرار علي تنمية مهاراتهم في استخدام أحدث الأساليب التكنولوجية لمواجهة العصر وكان يري أن مجال المنافسة الإعلامية قد أصبح مفتوحاً ولم يعد قاصراً علي أحد وبالتالي لابد أن يعيد الإعلام المصري ترتيب أوراقه من جديد في ظل إعلام وطني حر. وخلال فترة وجود أحمد أنيس علي رأس اتحاد الإذاعة والتليفزيون كان يشرف علي إعادة هيكلة الاتحاد مؤكداً أن الدراسة التي تم إعدادها في هذا الخصوص لا تمس من قريب أو بعيد العاملين داخل كل المواقع المختلفة في ماسبيرو وقد سمعته مرات كثيرة يؤكد ضرورة تصحيح الأخطاء ومعالجة المشاكل والمخالفات المالية بكل حزم وحسم بل قال إنه لن يسمح بانهيار الكيان الإعلامي للدولة بسبب حجم الديون المتراكمة علي اتحاد الإذاعة والتليفزيون طوال السنوات الماضية والتي توارثتها الأجيال المتعاقبة منذ الستينيات وحتي الآن. إذن الرجل بحكم قربه من أهل البيت خلال السنوات الماضية قادر علي حل مشاكله ولديه الخبرة الكافية التي تؤهله لإعادة تضميد جراح آلاف العاملين به وإعطاء كل ذي حق حقه في العدالة والمساواة وفي الحياة الكريمة بعيداً عن أساليب القمع والظلم التي عاني منها كل الشرفاء في ماسبيرو وكان أحمد أنيس يشعر بهم ولكنه مغلول الأيدي بسلطة أكبر وأقوي منه لا تريد أن تحرك ساكناً للتخفيف عن ساكني هذا المبني من هموم ومشاكل أثقلت كاهلهم. إنني أتمني من أهل ماسبيرو الهدوء قليلاً لإتاحة الفرصة أمام اللواء أحمد أنيس للعمل بعيداً عن الإثارة والتشنجات والأصوات العالية حتي يجتاز المبني عنق الزجاجة ويخرج من أزمته بلائحة أجور عادلة وهيكل إداري جديد ويعيد للشاشة الصغيرة والميكروفون في محطات الراديو البريق واللمعان ويضع خطة جديدة تنطلق بالإنتاج الدرامي وتعيده إلي دائرة الضوء في الأسواق العربية وتنتعش مرة أخري خزينة اتحاد الإذاعة والتليفزيون وتعود الابتسامة لتعلو كل الوجوه بعد شهور طويلة من الألم والعذاب أمضاها الناس »الغلابة« في حيرة وقلق علي مصيرهم ومستقبلهم في ظل هذا الضباب الكثيف داخل ماسبيرو الغريق حالياً والعريق سابقاً!