تستعد مصر لخوض تجربة انتخابات مهمة بعد غد الاثنين، هي الأولي منذ اندلاع ثورة 52 يناير وهنا قراءة في معني الديمقراطية وتطورها عبر التاريخ، كيف بدأت والي أين انتهت. الديمقراطية لغويا كلمة قديمة عند الإغريق، مكونة من مقطعين هما »ديموس« وتعني الشعب و»كراتوس« وتعني السلطة ومجموع المقطعين معا (DEMOCRACY) فالكلمة تعني حكم الشعب أو سلطة الشعب وقد سرت هذه الكلمة من اليونان الي اللغات الأخري. أما المعني الاصطلاحي لكلمة الديمقراطية فيقصد منها ذلك النظام السياسي الذي يعطي السيادة للشعب أو غالبيته ويمارسها بصورة فعلية فالديمقراطية تعني علي حد قول الرئيس الأمريكي الأسبق إبراهام لنكولن »ان حكومة الشعب بواسطة الشعب ولأجل الشعب« وبمعني آخر الديمقراطية هي حكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه. وإذا ما تطرقنا لبداية ظهور الديمقراطية، فمثلما كانت الفلسفة »اختراعا يونانيا«، فكذلك كانت الديمقراطية »ابتكارا يونانيا« وكانت مدينة أثينا محل ميلاد الديمقراطية.. ويعد فلاسفة الإغريق أول من استنبطوا فكرة الديمقراطية، فقد ذكرها أفلاطون حين قال »إن مصدر السيادة هو الادارة المتحدة للمدينة« أي أمن الشعب، وقدم أرسطو الحكومة ووزعها الي ثلاثة أنواع: ملكية، وأرستقراطية، وجمهورية وكان يقصد بالحكومة الجمهورية الحكومة التي يتولي زمام الامور فيها جمهور الشعب وطبقت الفكرة الديمقراطية في المدن اليونانية القديمة مثل أثينا، فكانوا لا يعتفرون بالسيادة الا للقانون، وهذا القانون ما هو إلا رأي مجموع أهل المدينة أي أن السيادة في نهايتها ترجع الي أهل المدينة. روما القديمة عرفت الديمقراطية أيضا، سواء في عهدها الملكي أو الجمهوري، في لجانها ومجالسها الشعبية ثم جاء القياصرة فاستأثروا بالسلطة وكان الحكم فرديا مطلقا. ودفنت الديمقراطية الأولي مع المدينة الأثينية، وظلا في هذا القبر معا قرونا طويلة، تعاقبت فيها علي الأرض الأمم، ثم جاءت العصور الأحدث فعادت الديمقراطية الي الوجود مرة أخري. وكان الانجليزي جون لوك أول من تحدث بشكل مباشر وصريح عن الحكومة المدنية في كتاب أصدره عام 0961 ويحمل الاسم ذاته وكان ذلك دعوة صريحة للثورة علي رجال الدين والملوك للحد من سلطانهم المطلق في الحكم. ومن انجلترا انتقلت الدعوة الي المدنية الي فرنسا وكان كتاب »العقد الاجتماعي« الذي أصدره جان جاك روسو في عام 2671 الذي طالب فيه بسيادة الشعب في اتخاذ القرارات، وتحدث عن العلاقة التي يجب أن تكون بين الحكومة والشعب والقائمة علي الديمقراطية والاختيار. والديمقراطية كنظام سياسي تعرضت خلال تاريخها الطويل لفترات من المد والجزر. انتقد ماركس الديمقراطية التي أسفرت عنها الثورة الفرنسية ووصفها بأنها ديمقراطية الطبقة البرجوازية وبعد الحرب العالمية الأولي بدأت الديمقراطية تستعيد قواها كمذهب سياسي له احترامه وأصبحت شعارا لدول العالم كلها ونالت حيزا كبيرا من التقديس والتوقير، وأصبح كل عمل أو قرار أو نظام مقبولا لمجرد اقترانه بكلمة ديمقراطي. اما عن الانتخابات باعتبارها احد أشكال الوصول للديمقراطية فقد مرت هي الاخري بمرحلة تطور كبيرة، حيث بدأ صندوق الانتخاب من الفخار والطين وذلك في اليونان القديمة، ثم تطور بعد ذلك الي صناديق زجاجية شفافة، وصولا الي التصويت الالكتروني عبر شبكة الانترنت.