كلما تابعت أخبار محاكمة القرن.. أسأل نفسي ماذا لو كنا نحكم بشرع الله وسنة رسوله.. والذين يطالبون بإستبعاد الدين عن معاملتنا اليومية.. هم أحوج مايكونون الآن للرجوع إلي ماشرع الله في محاكمة الرئيس السابق.. وهكذا فإن مايطالبون باستبعاده من حياتهم هو أنفع لهم من أي قانون آخر، بدلا من المعاناة التي تنتظرهم أثناء نظر قضية قتل المتظاهرين ومحاولات دفاع الطرفين في إثبات مسئولية الرئيس السابق ورجاله من عدمها عما حدث.. إذن لو أننا رجعنا إلي الله ورسوله فيما نختلف فيه.. لوجدنا الحل واضحا وجليا.. ولأن مسئولية الحاكم عظيمة في الدنيا والآخرة فقد حذر رسول الله صلي الله عليه وسلم من الإمارة عامة وحذر العاجز عن إدارة الأمور مبيناً ما يترتب علي ذلك من مساءلة أمام الله تعالي، وأن الإنسان إن لم يكن أهلاً لذلك وتقدم لتحمل المسئولية، أو لم يقم بواجبه فمصيره الخزي والندامة. عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: »قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَي مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خزي وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّي الذي عَلَيْهِ فِيهَا«.. والإمام أو الحاكم سواء كان رئيساً للدولة أو وزيراً أو محافظاً أو رئيساً لجامعة أو أي إنسان أسندت إليه إدارة أي عمل من الأعمال عظم هذا العمل أو صغر حتي يدخل في ذلك الرجل في بيته والمرأة في بيتها فالكل مسئول كل علي قدره وبقدر الإمكانات المتاحة له. عن عبد الله بن عمر قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يَقُولُ: »كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ«. ولقد علمنا القرآن أن أعوان الظالم شركاؤه في الإثم، ولهذا جعل القرآن جنود فرعون مع فرعون: »إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ. (القصص:8)... »فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ«. (القصص:40). فمسئولية أي حاكم عن رعاياه واضحة وجلية في القرآن الكريم والسنة المطهرة، فهي مسئولية صريحة ومباشرة في كل الحالات.. وسواء كان الرئيس السابق هو الذي أصدر أمره بقتل المتظاهرين، أو لم يأمر وتظاهر بأنه لم يكن علي دراية بما حدث.. لأنه في تلك الحالة كان عليه أن يتنازل فورا عن مسئولياته التي لم يعد قادرا علي تحملها أو أن يحيل المسئولين الذين تصرفوا بدون علمه إلي المحاكمة فورا وبدون انتظار ليبرئ ذمته من دمهم الطاهر، ولكن هذا لم يحدث مما يؤكد الموافقة الضمنية علي ماحدث.. وإذا كانت روح أي حيوان وسلامته ضمن مسئوليات الحاكم كما أوضحها الفاروق عمر(رضي الله عنه) عندما قال: »لو أن شاة عثرت علي شاطيء الفرات لسئل عنها عمر يوم القيامة«.. فما بالنا بمئات الشباب الذين أهدرت دماؤهم غدرا وظلما..