بعد أيام نحتفل بالذكري 83 لانتصار أكتوبر المجيد الذي أعاد للعسكرية المصرية احترامها ووضعها في المكانة اللائقة بها علي مستوي دول العالم. وعلي الرغم من ذلك لم نشاهد حتي الآن عملا سينمائيا أو تليفزيونيا يسجل ملحمة هذا الحدث العظيم الذي قلب موازين القوي علي وجه الارض وأحدث انقلابا في العلوم السياسية والاستراتيجية والعسكرية في اعرق الاكاديميات التي تعمل في هذا المجال وفقا لاحدث تكنولوجيات العصر. وقد اتاح لي عملي ان اتابع عن قرب كشاهد عيان كيف كانت النية تتجه لانتاج عمل سينمائي ضخم عن حرب اكتوبر عام 3791 ففي عام 6991 وافق المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة علي تشكيل لجنة علي مستوي رفيع برئاسة الفريق محمد علي فهمي للاعداد لانتاج قصة الفيلم السينمائي الذي يروي وقائع حرب اكتوبر المجيدة وضمت هذه اللجنة في عضويتها الكاتبين الكبيرين جمال الغيطاني ومحمد عبدالمنعم بجانب بعض القادة العسكريين من مختلف افرع القوات المسلحة. وكانت تلك اللجنة تضم ايضا الكاتب الراحل اسامة انور عكاشة الذي تم تكليفه بإعداد سيناريو الفيلم والذي لم ير النور بكل أسف حتي يومنا هذا ولا ادري أسباب ذلك ولا اعرف في نفس الوقت لماذا لم تتواصل اجتماعات تلك اللجنة لتنفيذ مهمتها فقد رحل الفريق محمد علي فهمي ومن بعده رحل ايضا اسامة انور عكاشة ولم يعد احد يتحدث عن هذا العمل الذي عشنا نحلم به طوال هذه السنوات.. وهناك واقعة أخري عشت وقائعها ايضا كشاهد عيان مع صديقي الكاتب الكبير محمد السيد عيد في عام 7991 عندما حصل علي جائزة الدولة التشجيعية عن روايته »الصقر« التي كانت في الاصل مسلسلا اذاعيا قدمته اذاعة الشرق الاوسط حيث تحمس لتحويله الي سيناريو سينمائي ليخلد به ذكري نصر اكتوبر حيث اعتمدت فكرته علي اسطورة ايزيس وازوريس بمعالجة عصرية جعلت البطل صورة معاصرة من »حورس« الذي هو مثال جيد للجندي المصري عبر كل العصور. وفي سيناريو »الصقر« السينمائي تبدأ الاحداث التي رسمها محمد السيد عيد ببراعة فائقة قبل حرب اكتوبر 3791 ليؤكد انه لابد أن ينتقم »حورس« ممن أوقعوا الهزيمة بأبيه »أوزوريس« وكيف ان حرب التحرير اكتوبر كانت ثأرا من العدو الذي هزمنا عام 7691 فجاء عبور 3791 لكي نسترد شرف الجندية المصرية عندما تلاحم شعب مدن القناة الثلاث مع الشرطة والقوات المسلحة لتحقيق النصر العظيم. وجاءت تقارير كل لجان القراءة التي تولت مراجعة هذا السيناريو لتشيد به وتحمست شركة »صوت القاهرة« لانتاجه واختارت لتنفيذه المخرج الكبير نادر جلال خاصة بعد ان وافقت القوات المسلحة علي العمل وقامت بتعيين اثنين من كبار ضابطها لمتابعة مراحل التصوير علي أسس ميدانية سليمة. وقبل ان يبدأ المخرج نادر جلال التصوير اصدر صفوت الشريف وزير الاعلام آنذاك قرارا بمنع »صوت القاهرة« من انتاج أعمال سينمائية دون ابداء الاسباب! .. وذهب محمد السيد عيد بسيناريو »الصقر« الي قطاع الانتاج فلم يفعل شيئا لهذا العمل فاتجه به الي جهاز السينما فقال له ممدوح الليثي رئيس الجهاز آنذاك ان السيناريو متميز ولكن الاولوية في خطة الانتاج عنده لفيلم »الضربة الجوية«! وعلي الرغم من ذلك لم يصب محمد السيد عيد بالاحباط وعاد ليطرق الابواب في ماسبيرو مرة أخري فالتقي مع حسن حامد رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون أنذاك ومن بعده احمد أنيس وصولا الي أنس الفقي وزير الاعلام السابق حيث تحمس هذا الثالوث لسيناريو »الصقر« وأشادوا به ولكن العمل تم اغتياله بعد ذلك ولم يري النور حتي الآن! تلك سطور سريعة لواقعتين كنت شاهد عيان عليهما بخصوص تقديم عمل سينمائي عن حرب اكتوبر ولم يكتب لهما النجاح لاسباب لا يعلمها الا الله سبحانه وتعالي وياليت قواتنا المسلحة ومعها كل أجهزة وزارتي الاعلام والثقافة وكبري الهيئات والمؤسسات التابعة للدولة يعملون في اطار منظومة واحدة تسعي من الآن لتحقيق الحلم في ان تبدأ وعقب استقرار الاوضاع في البلاد في اتخاذ الخطوات اللازمة لانتاج عمل سينمائي ضخم عن نصر 6 أكتوبر العظيم لنحفظ للاجيال المقبلة اسطورة العزة والفخار التي حققها ابناء قواتنا المسلحة من قادة وضباط وجنود لاعلاء شأن هذه الامة التي وصف جنودها في الحديث الشريف بأنهم خير أجناد الارض.