من الامور الملحة الآن سرعة تطهير القضاء من أعوان النظام الفاسد والعناصر التي كانت تدين له بالولاء، ومنهم من شاركوا في تزوير الانتخابات أو إصدار أحكام تخدم مصالح بعض الفاسدين بقصد المجاملة أو النفاق أو تحت ضغوط إغراء المال أو التهديد والتخويف وغير ذلك من الأخطاء. ونحمد الله ان هؤلاء القضاة الذين اخطأوا أو طالتهم الشبهات، قلة ضئيلة، وان الغالبية العظمي من رجال القضاء من الشرفاء وأصحاب المبادئ والخلق الكريم وابعاد هذه القلة عن منصة القضاء لن يؤثر علي هيبته وكرامته. وأني لمشفق علي قضاتنا الشرفاء الذين يتولون الفصل في قضايا الفساد وقتل المتظاهرين وهي كلها تتعلق بتطلعات أمة خضعت سنوات طويلة لحكم فاسد، وشعب ثائر علي الفساد، ثائر لكرامته التي سلبت منه، ثائر لدماء شهدائه الذين ضحوا بأرواحهم لإنقاذ وطنهم من اللصوص والمفسدين، ثائر لحريته التي حرمته منها حفنة من الطغاة!.كلنا نعرف ان القضاة الشرفاء الذين يقومون الآن بالتحقيق في هذه القضايا في موقف لا يحسدون عليه فهم من أبناء هذا الوطن، ويشعرون بما يشعر به كل مواطن تجاه هؤلاء القتلة والفاسدين، وفي صدورهم وقلوبهم نفس المرارة والكراهية ولكن واجبهم يحتم عليهم ان يتجردوا من كل هذه المشاعر، ويحتكموا الي القانون والعدالة والي ضمائرهم أيضاً حتي لا يحكمون ظلما علي برئ واحد، انها مهمة صعبة وشاقة، كان الله في عونهم! ان القضاء في النظام الدستوري هو ملاذ الحرية، واختيار رجالة مهمة شاقة فلا يكفي ان يكون القاضي علي جانب من الكفاية الفنية، بل ينبغي ان يكون علي أعظم جانب من الكفاية الخلقية فإن الخطأ في القانون يمكن تصحيحه امام الدرجات العليا أو أمام محكمة النقض أو بطريق التظلم أو غيره من الطرق التي رسمها القانون اما الخطأ الذي يرتد الي انحراف في الخلق، فقد يصعب تصحيحه ومن اجل ذلك أنشأت الدولة مجلس القضاء الاعلي، وأحاطت اختيار القضاة بما رأته من الضمانات التي تكفل وضع الرجل الصحيح في المكان الصحيح، وأصبح الاختيار أمانة في عنق هيئة كبيرة تقع عليها وحدها المسئولية. وقد برهن القضاة ورجال النيابة في كثير من مراحل التاريخ القضائي المصري علي اعتزاز بالكرامة، وجرأة في الحق، وصبر علي الأذي. وانا لنرجو ان يجئ مستقبلهم متصلا بماضيهم، بل انا لنرجو ان يكون أنصع بياضاً، وأبهر مما كان نجاحاً، فيصبح جديراً بالطموح الذي يداعب نفس كل مصري يرجو ان تتهيأ بلاده الي المكانة التي تتفق وتاريخها.