أحيي الصديق العزيز المستشار زكريا عبدالعزيز الرئيس السابق لنادي القضاة علي أنه مازال صامدا وحاملا لراية استقلال القضاء.. متمسكا بأنها الطريق إلي إرساء العدالة في بلدنا. ربما لا يعلم شباب الثورة تاريخ المستشار زكريا عبدالعزيز الذي شاركهم ثورتهم في ميدان التحرير منذ البداية وحتي الآن.. فهو واحد من أعمدة تيار الاستقلال في القضاء.. الذي قاده الشيوخ العظام من المستشارين ممتاز نصار.. ووجدي عبدالصمد.. ويحيي الرفاعي.. وأحمد مكي.. وحسام الغرياني ومحمود الخضيري وهشام البسطويسي.. وغيرهم آخرين. هؤلاء النخبة كان مشوارهم طويلا بدأ منذ المواجهة التي تمت في مؤتمر العدالة في الثمانينات.. لمنع هيمنة الدولة علي القضاء والتدخل في شئونه.. وانتهت بالتصدي للانحراف بالانتخابات ورفض تزوير إرادة الناخبين فيما جري منذ التسعينات وما بعدها! لم يكتفوا بالرفض والاعتراض بل خرج رئيس نادي القضاة المستشار زكريا عبدالعزيز والاعضاء من تيار الاستقلال إلي الشارع المشتعل غضبا.. ونظموا وقفات احتجاجية أمام ناديهم مطالبين بتطهير القضاء من القضاة الذين ساهموا أو صمتوا علي التزوير في الدوائر الانتخابية التي أشرفوا عليها.. واضعين قائمة سوداء بأسماء قضاة التزوير من اتباع النظام السابق! بعدها اشتعلت الحرب بين رموز الفساد الحاكم ونادي القضاة وأعضائه من تيار الاستقلال.. فقرر المستشار زكريا عبدالعزيز عدم الترشح لرئاسة النادي رغم فوزه برئاسته لدورتين وبأعلي الأصوات.. مدركا ان المناخ العام أصبح فاسدا.. ولابد من ترك المسئولية لآخرين ممن يجيدون فن التفاهم مع الحكومة.. ومد جسور المحبة المفتقدة مع وزارة العدل ووزيرها السابق المستشار ممدوح مرعي! بخروج المستشار زكريا عبدالعزيز وزملائه من تيار الاستقلال.. دخل نادي القضاة في شبه إجازة.. وانتهي اهتمامه وارتباطه بالمشاركة الفعالة مع قضايا الشأن العام لمصر! تعطلت مسيرة الإصلاح القضائي عمدا ومع سبق الإصرار، فالرئيس السابق لنادي القضاة.. المستشار زكريا عبدالعزيز كان يحلم ويسعي ومعه النخبة من القضاة لتعديل قانون السلطة القضائية بما يسمح باستقلال ميزانية المجلس الأعلي للهيئات القضائية بعيدا عن سلطان وزارة العدل.. ويرتبط بذلك نقل تبعية التفتيش القضائي من الوزارة إلي مجلس القضاء الأعلي.. وإلغاء المادة (891) التي تعطي لتلك السلطة التنفيذية الحق في إحالة القاضي مهما كانت درجته للصلاحية والتأديب.. ثم منع الانتداب من القضاء إلي الجهات والهيئات الحكومية حفاظا علي حياد واستقلال القاضي.. وتجنيبه الشبهات. هذا إضافة إلي إلغاء القوانين الاستثنائية.. ونقل تبعية السجون إلي وزارة العدل.. وإلغاء سلطتها علي المحاكم الابتدائية.. ليبقي وزير العدل ممثلا للسلطة التنفيذية.. وهمزة الوصل بين القضاء والحكومة فيما يتعلق بالشأن العام. الآن وبعد الثورة: هل ادرك المستشار زكريا عبدالعزيز صعوبة تحقيق تلك الأحلام؟!.. وهل أقتنع ان الشعار الذي رفعه المستشار وجدي عبدالصمد الذي كان رئيسا لمحكمة النقض »أن العدل أساس الملك.. واستقلال القضاء أساس العدالة«.. هو كلام كان يحلم به قضاة الزمن الجميل.. وأن زماننا لم يعد زمن الأحلام.. ولاتحقق العدالة؟! أليس هو زمن »الرويبضة«.. الذي تنبأ به ووصفه لنا الرسول صلي الله عليه وسلم.. وقال فيه »سيأتي علي الناس سنوات خداعات.. يُصدق فيها الكاذب.. ويُكذب فيها الصادق.. ويُؤتمن فيها الخائن.. ويُخون فيها الأمين.. وينطق فيها الرويبضة.. قيل وما الرويبضة يا رسول الله.. قال الرجل الفاسق يتكلم في أمر العامة«؟!