بعد أن انتهت الامتحانات في الجامعات والمعاهد والمدارس، تتعطل طاقة كبيرة، قوامها مئات الآلاف من الشباب، يكون عليهم أن يقضوا ثلاثة أشهر أو أربعة في فراغ تام هو ما نسميه بالعطلة الصيفية، والفراغ مجلبة للفساد، وهو مع الشباب، مجلبة للفساد والانحلال. ومن حق هؤلاء الشباب والفتيات أن يأخذوا نصيبا عادلا من الراحة بعد عمل متواصل طوال ثمانية أشهر أو أكثر، ولكن من حق الوطن عليهم ألا يهدروا طاقتهم في عبث وضياع، فالألعاب الرياضية بأنواعها والقراءة المنتظمة للترفيه أو الفائدة، وتنمية الهوايات الخاصة سواء كانت يدوية أو عقلية، كل أولئك وسائل ناجعة لاسترداد العافية وتصفية الذهن من رواسب العمل المضني طوال السنة الدراسية، ولكن ما عداها مما يؤثره البعض كالسهر والتسكع ومعاكسة الفتيات في الشوارع، والتجمع عند نواصيها أو منحنياتها أو اثارة القلق والشغب في داخل البيوت، لا يفيد شيئا في استرداد العافية وتصفية الذهن، بل انه جدير أن يفسد ما استقام من أمر بالتعليم والتربية في المدرسة أو الجامعة أو البيت. واتقاء لشر هذا الانحراف وإعدادا للشباب لتحمل المسئوليات في المستقبل، رتبت الحكومات في أكثر الدول برامج صيفية ومعسكرات للعمل والانتاج والتدريب وغرس الهوايات النافعة، وتحويل الطاقات المتفجرة الفتية من العبث والفراغ إلي الجد والامتلاء. وأرجو من منظمات الشباب في بلادنا، سواء كانت تزاول نشاطها في العواصم أو في الريف أن تكون قد أعدت البرامج لاستيعاب طاقات الشباب وخدمتهم نفسيا واجتماعيا وإنقاذهم من ضياع الفراغ، فهم أسعد حظا منا حينما كنا في مثل أعمارهم، فلعلهم يحسنون الانتفاع من الامكانيات المتاحة لهم. والفرصة الآن مواتية أمام الشباب بعد الثورة، فإن الوطن في أشد الحاجة إلي مساندتهم، وهناك مسئوليات كبيرة يمكنهم القيام بها تجاه وطنهم، منها توعية أهل الريف وسكان العشوائيات والأحياء الشعبية من غير المتعلمين بحقوقهم وواجباتهم السياسية، حتي لا يقعوا فريسة لفلول النظام الفاسد والتيارات المختلفة وخاصة المتطرفة التي تسعي لخديعتهم واستغلال أصواتهم لخدمة أغراضهم الشخصية، كذلك أمامهم الفرصة للمساهمة في محو الأمية، والدعوة للحفاظ علي البيئة، والاهتمام بالنظافة، وغير ذلك من الأمور التي تخلفنا فيها نتيجة للجهل والفقر!