كنت قد كتبت من أسبوعين عمودا أشيد فيه ببرنامج بورصة المسلسلاتي، الذي وجدت فيه نموذجا فريدا لبرنامج يختلف عما يقدمه التليفزيون المصري والقنوات العربية!! وذكرت ان البرنامج يعتمد علي تحليل متقن ومدروس تقدمه الزميلة الناقدة »ماجدة خيرالله« بثقة وسلاسة وبساطة وحضور لافت، وطالبت في العمود ان يستقل هذا البرنامج عن »المسلسلاتي« الذي فقد بريقه، وهبط مستواه في الأونة الأخيرة، وفوجئت بمكالمة تليفونية من السيدة نهلة عبدالعزيز، رئيسة قناة النيل للدراما تشكرني علي اشادتي بالبرنامج وحرصت طوال المحادثة علي أن تؤكد لي ان بورصة المسلسلاتي مجرد »فقرة« في البرنامج، وانها صاحبة الفكرة وكانت تقدمها زمان!! فقلت لها ببراءة ودون ان أدري اني أضغط علي مشكلة مزمنة تعاني منها »عندما تمنح صحيفة ما، مساحة لناقد تثق فيه، ويحقق هذا الناقد نجاحا ملحوظا، ماينفعش أصحاب الجريدة يقولوا انهم أصحاب الفكرة! لأن النجاح هنا يعتمد علي خبرة الناقد وموهبته وموضوعيته وأشياء أخري كثيرة تميز ناقدا عن آخر«، ولكن السيدة نهلة عبدالعزيز يبدو أنها لم تستوعب وجهة نظري رغم بساطتها، وفوجئت بها تزف لي خبرا مفاده، انها سوف تستعين بنقاد آخرين، لتقديم فقرة البورصة! وأخبرتني ببساطة ان النقاد زعلانين وبيقولوا: ليه ماجدة خيرالله هي اللي تقول رأيها في كل المسلسلات والفنانين، ما احنا كمان لينا رأي!! وبغض النظر اني لم أصدق هذا الكلام، غير اني استمريت في المحادثة في محاولة يائسة لأقنعها أن قيمة البرنامج أو الفقرة تعتمد بشكل كبير وأساسي علي ما تتمتع به ماجدة خيرالله من حضور وثقافة وقدرة علي التحليل، أما بقية النقاد الذين تتحدثين عنهم، فليبحث كل منهم عن فكرة أخري ليقدمها . المهم اني في الأسبوع التالي جلست يوم الخميس كالعادة انتظر برنامج البورصة ، وكانت ضيفة الحلقة ايناس مكي قلت »أهي فقرة وتعدي«، ولكن الفقرة استمرت حوالي خمسين دقيقة، وكان الضغط علي أعصابي فوق الاحتمال، وخاصة أن البرنامج نزل بكاميراته إلي الشارع ليستطلع رأي الجماهير في السيدة ايناس مكي، واكتشف انه تم تلقين الجمهور ما يقوله، وان الناس مبهورة بفن ايناس مكي، وأدوارها وكلهم زعلانين لأن أعمالها قليلة، وتعجبت فعلا كيف يسمح التليفزيون بهذا الغش التجاري المفضوح.، وفي صباح اليوم التالي طلبت الزميلة ماجدة خيرالله وسألتها فين فقرة البورصة؟؟ فأخبرتني ان السيدة نهلة عبدالعزيز قررت وقفها بحجة ان الاستديو مش فاضي، وان البرامج التعليمية تحتل كل ساعات اليوم، وهي وسيلة مبتكرة للقضاء علي الفقرة الوحيدة التي كنت أتابعها، ويتابعها عدد كبير جدا من أصدقائي ! وسألتها وماذا أنت فاعلة؟ فأخبرتني انها تحدثت إلي السيدة هالة حشيش رئيسة القنوات المتخصصة، التي أبدت انزعاجها مما حدث، وخاصة انها كانت هي الأخري تتابع فقرة البورصة، وبعد يومين أخبرتني الزميلة ماجدة خيرالله بأن السيدة هالة حشيش اتصلت بها تخبرها بأنها زللت كل العقبات وأن فقرة البورصة سوف تعود في نفس موعدها يوم الخميس! وطبعا لا يفوتني تقديم التحية للسيدة هالة حشيش فهي نموذج للإعلامية التي تستطيع أن تحمي عملا ناجحا من محاولات الهدم!! ولكن تلك الحكاية تجعلني أوجه حديثي الي وزير الاعلام »أنس الفقي« الذي أعرف حق المعرفة انه يستميت ويبذل جهدا خارقا لتحسين صورة الاعلام المصري ،ما سبل حماية الأعمال الناجحة؟ ولماذا يتم اطلاق يد بعض المسئولين لافساد كل شيء جميل أو يحمل بارقة أمل؟ لماذا تسيطر المجاملات علي قنواتنا المتخصصة؟ ، بعض برامج قناة النيل للسينما في حاجة لإعادة نظر، وبعض من برامج قناة الدراما في حاجة لتغيير شامل!..ان ملايين المصريين لايجدون وسيلة للثقافة والترفيه سوي تليفزيون بلادهم فأرجوك لا تدعهم يقلبون المؤشر علي قنوات أخري!!!