تعد المصارحة والمكاشفة بالواقع الحقيقي لما تمر به الدولة من تطورات في الظروف سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أحد أهم الآليات التي يبني علي أساسها الإدراك والوعي المجتمعي الصحيح خاصة أن تلك المصارحة قد بنيت علي تفاصيل ومعلومات واقعية وأرقام حقيقية، وطالما أن الأمور تطرح بصدق وأمانة وشفافية فإن ذلك يكون السبب الرئيسي في زيادة إيمان الشعب بقدرة الدولة علي مواجهة التحديات بل والدفاع عنها من خلال ظهير شعبي يقف وراءها لمساندتها في القرارات التي يتم اتخاذها في شتي المجالات. فبناء الوعي يأتي في الأساس بتشكيل صورة مكتملة تتضمن جميع التفاصيل والمعلومات الحقيقية للواقع وحجم التحديات التي تواجهها الدولة حتي يكون للمواطنين القدرة علي استيعاب وتفهم القرارات التي تتخذ أو المطلوب اتخاذها مستقبلا، وحتي يكون هناك مواجهة حقيقية وقوية للوعي المنقوص والمزيف الذي يقوم بتصديره الأعداء علي أن تكون تلك المواجهة من خلال حشد الفهم بالصورة الكلية للواقع الحقيقي والذي يتطور بشكل مستمر بهدف الوصول في النهاية إلي أن تترسخ تلك الصورة داخل عقول المواطنين ولتشكيل كتلة مجتمعية صلبة قادرة علي الوقوف وراء ما تتخذه الدولة من إجراءات وقرارات من شأنها تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وحمايتها من الشائعات. ولقد كانت الدولة المصرية حريصة علي المصارحة الدائمة والمستمرة لما يدور بهدف تشكيل وعي حقيقي بمدي حجم التحديات التي نعيشها ، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته خلال الندوة التثقيفية ال29 للقوات المسلحة بأن ما تم من إنجازات وما اتخذ من إجراءات الفترة الماضية كان محميا بوعي المصريين ولم يتأثر بفوضي التحليلات الزائفة في ظل ما تقوم به الدولة من وضع الحقائق أمام الشعب، واستشهد الرئيس السيسي ببعض التحديات التي تواجه المجتمع المصري وأبرزها الزيادة السكانية وما تمثله من خطورة في جميع المجالات خاصة الصحة والتعليم وإتاحة فرص العمل بعد أن وصل عدد السكان إلي حوالي 100 مليون نسمة، وكذا استمرار دعم الدولة للوقود حتي بعد قرارات رفع الأسعار بقيمة 125 مليار جنيه مع استمرار زيادة السعر العالمي لبرميل البترول، بالإضافة إلي احتياج محطات الكهرباء إلي 90 مليار جنيه وقود، وفي حال رفع سعر الغاز الطبيعي ليصل إلي 4 جنيهات ونصف الجنيه سيكون مقدار العجز 77 مليار جنيه، بين ما يتم تحصيله من الكهرباء وما ينفق علي المحطات، كل هذه المعلومات تؤكد أن الدولة حريصة علي المصارحة بالظروف والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نواجهها والتي مازالت مكبلة بالدعم الذي يقف حائلا أمام تحقيق بعض الأهداف، وأمام هذه التحديات لم تقف الدولة مكتوفة الأيدي بل اقدمت وبقوة علي إقامة عدد كبير من المشروعات القومية وفقا لجدوي اقتصادية تحقق أقصي عائد وكذلك المساهمة في زيادة معدلات التنمية، بل ووضعت أمام الشعب بالحقائق والأرقام ما ستساهم به تلك المشروعات في تحقيق طفرة اقتصادية قصيرة وطويلة الأجل وخفض لمعدلات البطالة لتوفيرها الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وهو ما كان سببا في أن يواجه المواطنون جميع الشائعات الهدامة التي خرجت للتشكيك في جدوي هذه المشروعات. كما وضعت الدولة ملف التعليم وتطويره ضمن أولوياتها باعتباره أحد الأهداف الرئيسية في تحقيق التنمية من خلال تربية النشء علي أساس نظام تعليمي سليم لخلق مجتمع ناضج يستطيع أن يتشكل وعيه وإدراكه الصحيح في إطار ما تنتهجه الدولة من حرية تداول المعلومات الحقيقية التي تخلق صورة مكتملة للواقع. وقالت د.هدي زكريا استاذ علم الاجتماع السياسي إن الوعي وتشكيله بصورة متكاملة مرتبط بالقدرة علي التعامل مع الظروف وفقا لما هو متاح من معلومات، موضحة أن انتهاج الدولة لأسلوب المصارحة والمكاشفة للواقع والتحديات أدي إلي زيادة الوعي لدي المواطنين بما يمكنهم من اتخاذ القرار الأفضل وكذا تحقيق أقصي استفادة بما يحيط بهم ، وأكدت أن غياب الحقيقة وإخفاء المعلومات يتسبب في خلق ما يسمي بالوعي الزائف والذي يعد نوعا من أنواع الفوضي التي ينتج عنها انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة وفي تلك الحالة يكون المواطنون بلا وعي وهو ما سيدفعهم إلي أن يصدقوا أي شيء حتي وإن كان غير حقيقي، مشيرة إلي أن المجتمعات التي لا تمتلك وعيا حقيقيا تكون دائما بلا مستقبل واضح، وشددت علي أهمية تدفق المعلومات والحقائق للمواطنين من جانب الدولة باستمرارية فالقرارات دائما تتخذ وفقا لما هو متاح من معلومات وقالت إنه خلال مناقشة قانون حرية تداول المعلومات بالمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام تم التأكيد علي النص بشكل واضح علي أن إتاحة المعلومات حق لكل مواطن عدا المتعلقة بالامن العام وكذا معاقبة الموظف الذي يمتنع عن تقديم المعلومات الصحيحة للمواطنين وذلك بعد إجراء دراسات مقارنة لقوانين مماثلة يتم تطبيقها في 80 دولة، ، فالمعلومة الصحيحة الجزء الرئيسي في تشكيل الوعي الحقيقي كما أن درجة تقدم الامم تقاس بحجم إتاحة المعلومات لديها حيث ان التفكير المنطقي لدي المواطن يتشكل حينما يمتلك المعلومة، وأكدت أن إتاحة الدولة للمعلومات خلال السنوات السابقة ومصارحتها للمواطنين بحجم التحديات التي تواجهها أدي لزيادة ثقة المجتمع في النظام السياسي وجعله أكثر وعيا بما ساهم في تثبيت حالة الاستقرار التي نعيشها حاليا مشيرة إلي ان الصدق والأمانة في طرح الأمور خلق حالة من التناغم والثقة المتبادلة بين الدولة والشعب وشكل مجتمعا متماسكا وأسقط كل المحاولات المغرضة التي كانت تهدف لإحداث خلل مجتمعي حيث إن آليات التفكيك فشلت أمام هذا التماسك خاصة أن المجتمع المصري واع وعلي قدر كبير من الفهم لما يدور حوله ولا يمكن في ظل ثورة المعلومات التي يحصل عليها ان يستطيع أحد التأثير عليه أو استدراجه للوعي الزائف.