طارق سعيد الأمر لم يعد يحتمل المزيد من الفساد والمفسدين ونهب المال العام. وقد آن الأوان للقضاء علي الانحراف بكل صوره وتخليص المجتمع من مرتكبيه. هكذا انتهت دراسة مهمة حول دور المتابعة والرقابة في الحد من الانحراف الإداري بالتطبيق علي وحدات الإدارة المحلية بمحافظة القاهرة. هذه الدراسة نال عنها الباحث طارق سعيد أحمد عبدالسلام درجة الماجستير في الإدارة العامة من أكاديمية السادات للعلوم الإدارية تحت إشراف د. محمد الصواف استاذ الإدارة العامة بالأكاديمية وعضوية كل من د. نهي الخطيب أستاذ ورئيس قسم الإدارة العامة بالأكاديمية ود. رجب عبدالحميد أستاذ العلوم السياسية والإدارة العامة. لسان حال الباحث يشير إلي أن فساد المحليات تخطي »رُكب« زكريا عزمي!! والذي كان يتفوه دائما تحت قبة البرلمان بعبارة تقول ان الفساد في المحليات وصل للركب! وبالأرقام جاءت النتائج لتشير إلي أن تعيين الوظائف القيادية بالمحليات يتم بالواسطة والمحسوبية. كما أشارت إلي ان أكثر مظاهر الفساد شيوعا في الوحدات المحلية هي التي تتعلق بالإدارات الهندسية حيث بلغت مخالفات البناء أخيرا حدا شديدا من الخطورة. وكانت كلمة السر هي »مهندس الحي« والمحليات حيث كشفت دراسة حديثة صادرة عن جامعة القاهرة عن ارتفاع نسبة مخالفات البناء في السنوات الأخيرة وصلت نسبتها إلي 09٪ من اجمالي عدد العقارات في مصر! وأبرز هذه المخالفات هي البناء بدون ترخيص والتعدي علي أملاك الدولة.. وقد تزامنت هذه الدراسة مع دراسة أخري لمباحث الأموال العامة بالتعاون مع مركز بحوث البناء والتفتيش بوزارة الإسكان كشفت عن إلقاء القبض علي 301 مهندسين بالإدارة الهندسية في السنوات الأخيرة وقد بلغت ثرواتهم 2 مليار و163 مليون جنيه عبارة عن مجوهرات وعقارات وأراض.. كما كشفت دراسة أخري عن احالة 45 ألف مهندس بالإدارات الهندسية بالمحفاظات والأحياء إلي النيابة العامة والنيابة الإدارية خلال عامي 6002/7002!.. إذن أصحاب النفوس الضعيفة من مهندسي الإدارات الهندسية هم حجر الأساس لفساد المحليات! ويشير الباحث طارق سعيد في دراسته إلي أن الفساد هو أكبر سبب للفقر حيث يغذي كلاهما الآخر في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها وهو يؤدي إلي ضعف فرص الاستثمار وانخفاض معدلات النمو. والمهم كما قال الباحث أن غياب »القدوة« من القيادات السياسية يزيد من الفساد وذلك عندما يشترك القادة أنفسهم في أعمال الفساد أو بتغاضيه عن مثل هذه الأعمال لمصلحة أقاربهم أو أصدقائهم، ومن الطبيعي أن يسير الموظفون الكبار علي درب رؤسائهم! هناك أسباب أخري وراء تفشي الفساد بالمحليات مثل تزوير الانتخابات الذي يؤدي إلي سيطرة عناصر منحرفة علي المجالس الشعبية. وكذا تدني أجور العاملين بالمحليات وفيها من الأسباب التي تؤدي في النهاية إلي توزيع الدخول بشكل غير متكافئ والشعور بالظلم لدي الغالبية وخلخلة القيم الأخلاقية وزيادة حالة الاحباط وترسيخ قيم الفهلوة والكسب بأقصر الطرق وتوسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. وبشكل تطبيقي علي حي شبرا وحي الشرابية بالقاهرة أجري الباحث دراسته واختار مجتمعا لتلك الدراسة من 561 مسئولا هم أفراد العينة التي أجري عليها استطلاعه منهم 921 من التنفيذيين و63 من أعضاء المجالس الشعبية المحلية. وقد أظهر 97٪ من أفراد العينة موافقتهم علي ضعف الدور الرقابي للمجالس الشعبية وقال 95٪ ان هذه المجالس ليس لها دور في إعداد مشروع الموازنة بينما وافق 07٪ من العينة علي الاعتقاد السائد لدي التنفيذيين بأن أعضاء المجالس لا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية. وذكر 29٪ أنه لا يوجد تعاون بين جهود الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في مكافحة الفساد. وأكد 87٪ من العينة أن تعيين القيادات المحلية يتتم علي أساس الواسطة والمحسوبية وليس الكفاءة الإدارية. ووافق 67٪ علي انه لا يتم الالتزام بشكل دقيق بفحص اقرارات الذمة المالية للعاملين بالإدارة المحلية. كما قال 86٪ ان الفساد داخل الأجهزة المحلية أصبح سلوكا معتادا ومقبولا من المجتمع وذكر 88٪ ان الرشوة أكثر صور الفساد انتشارا بالأجهزة المحلية. وعن دور المواطن في فساد المحليات أكد 87٪ من العينة موافقتهم علي ذلك. وعما يشغل بال الموظف بالمحليات أقر 37٪ من العينة بأهمية تحسين المرتبات للحد من الانحراف. بينما أقر 22٪ بأن تفعيل الرقابة يأتي في المرتبة الثانية وأفاد 2٪ فقط بأهمية توافر الشفافية. ومن بين 36 توصية للباحث جاء اقتراحه بإنشاء مجلس أعلي لمكافحة الفساد تكون له صلاحيات كبيرة في الرقابة علي جميع المؤسسات العامة والخاصة.