تقاس قوة الجيوش في العالم، ليس فقط بقوة وحداتها، وقواتها المقاتلة، ولكن أهم مقاييس تقدير هذه القوة هوكفاءة تدريب هذه القوات، وأهمهم كفاءة تدريب القادة، خاصة علي المستويات العليا، لأنه مهما كان لدي أي جيش، من قوات مقاتلة علي مستوي مميز، وأسلحة ومعدات من أحدث المعدات الموجودة في الترسانة الحربية في العالم، فان ذلك كله قد ينهار، إذا لم يتوفر معه القادة العسكريين، المسلحين بأعلي مستوي من التدريب والفكر والقدرة علي قيادة هذه القوات والأسلحة والمعدات بالطريقة المثلي. من هنا يبرز دور أكاديمية ناصر العسكرية العليا في مصر، والتي تعتبر أكبر مؤسسة علمية عسكرية علي مستوي الشرق الأوسط، في مجال الدفاع والأمن القومي، ولن أكون مبالغاً إذا أضفت أنها من أقوي خمس كليات عسكرية في العالم، في تدريب كبار القادة علي المستوي التعبوي الاستراتيجي؛ حيث يوجد في الاتحاد السوفيتي أكاديمية "فرونرا"، وأكاديمية "فورشالوفا"، وفي المملكة المتحدة البريطانية يوجد كلية الدفاع الوطني کoyal »ollage for Defense Studies (ک»DS)، ثم كلية الدفاع الوطني في أمريكا National Defense »ollage (ND»)، ثم كلية الحرب العليا في فرنسا L'école de ta majeure، فضلاً عن عدد آخر من الكليات العسكرية العليا علي مستوي العالم، لكن تظل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، في مصر، من أعظم خمس كليات، في المجال العسكري، علي مستوي العالم. وتتميز أكاديمية ناصر العسكرية العليا، بأنها تتكون من كلية الحرب العليا، وكلية الدفاع الوطني، ومركز الدراسات الاستراتيجية، لكل منها تخصصه ومجاله. يتخرج من كلية الحرب العليا، القادة العسكريون علي المستوي التعبوي والاستراتيجي، ويُمنح المتخرج شهادة زمالة كلية الحرب العليا، التي تؤهله إلي قيادة الجيوش الميدانية، والعمل في القيادات الاستراتيجية. وهي كلية فريدة من نوعها في العالم، ومن هذا المنطلق، تجدها تجذب إليها العديد من القادة العسكريين من مختلف الدول الأجنبية والعربية للدراسة بها. أما كلية الدفاع الوطني، فتتبع نفس أسلوب ومنهج الدراسات الاستراتيجية، والأمن القومي، المتعارف عليها في معظم الدول الأوروبية. وتتاح هذه الدراسات إلي العسكريين والمدنيين، علي حد سواء، حيث تؤهلهم لتولي الوظائف العليا في الوزارات والهيئات المختلفة، وهوأمر معترف به في كل دول العالم. وعندما كنت مديراً للشئون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية، نجحت في أن يشارك جميع الإعلاميين البارزين في مصر، سواء من الصحافة أوالإذاعة أوالتليفزيون، في دورة كلية الدفاع الوطني، وهوما أعتقد أنه كان إضافة عملية في مجال الدفاع والأمن القومي. وكان من أوائل الحاضرين والمشاركين، السيد أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق، والسيد ياسر رزق رئيس تحرير الأخبار. وأصبح لدينا، الآن، العشرات من الإعلاميين من خريجي كلية الدفاع الوطني. ونجحت، أيضاً، أكاديمية ناصر العسكرية العليا، في منح درجة الدكتوراه في مختلف مجالات الدفاع والأمن الوطني، فضلاً عما تتيحه من دورات علمية عديدة في مجالات متخصصة، مثل إدارة الأزمات، والتفاوض، والتي تُعرف بأنها من أهم الدورات العلمية في معظم الكليات في العالم، كذلك دورات متخصصة للإعلاميين العسكريين، علاوة علي دورات خاصة لإعداد القادة الأفارقة، من عدد من الدول الأفريقية، في رتبة العميد واللواء في مجالات الشئون العسكرية والأمن القومي، إعمالاً لمبدأ عودة مصر إلي قارة أفريقيا وعودة قارة أفريقيا إلي مصر. وقد لا يتخيل البعض من حضراتكم، حجم الاستفادة والخبرة العلمية العسكرية، التي يحققها هؤلاء القادة الأفارقة، الدارسون في مصر، فور عودتهم إلي بلادهم، بعدما يتعرفون، عن قرب، علي كفاءة الجيش المصري، المصنف كأقوي الجيوش العسكرية في أفريقيا، والشرق الأوسط، والمصنف العاشر عالمياً. وماهي إلا سنوات وسنجد منهم من أصبح رئيساً لبلاده أووزيراً للدفاع بها، وبالطبع سيكون لذلك تأثير إيجابي علي علاقة مصر بهذه الدول. وخلال محاضراتي لهم، بكلية ناصر العسكرية العليا، شعرت بمدي تقديرهم لمصر، ولمكانتها التاريخية لبلادهم، كما لمست مدي سعادتهم بتلقي هذا المستوي العلمي العسكري، الذي من النادر وجوده في أي ملتقي علمي عسكري في العالم. والحقيقة أن الأكاديمية، كانت قد أعدت تجهيزات عظيمة لهذه الدورة، سواء الترجمة الفورية باللغة الإنجليزية والفرنسية، أوإتاحة المراجع العلمية المطلوبة بلغات مختلفة، إضافة إلي تنظيم الزيارات الميدانية للوحدات العسكرية، لتخرج تلك الدورة العلمية بصورة مشرفة للعسكرية المصرية، علمياً وتنظيمياً. كما شاركت، خلال هذا الأسبوع، برئاستي لعدد من بحوث إجازة التخرج لدارسي كلية الدفاع الوطني من العسكريين والمدنيين، وكان منهم العديد من الدارسين من مختلف الدول العربية والأفريقية، وحقيقي تميزت بمستوي مرتفع للدارسين بعد عام من الدراسة في مجالات الدفاع والأمن القومي، حاضرهم فيها الوزراء، والخبراء، والسياسيون، كذلك تم تنظيم زيارات ناجحة لهم لكل أفرع القوات المسلحة المصرية. ويضاف إلي أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ذلك العنصر الثالث، وهومركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة، الذي يعتبر، أيضاً، من أهم مراكز الدراسات الاستراتيجية في المنطقة العربية، وهوالعقل العلمي المفكر للقوات المسلحة المصرية، وتصدر عنه العديد من التقييمات والتحليلات لمختلف المشاكل وبؤر الصراع العالمية، مع التركيز علي ما يهم مصر وأمنها القومي. وأعود لأقول أن تقييم الدول عسكرياً ليس بقواتها المسلحة، ولكن بمستوي قادتها علي المستوي الاستراتيجي، ولذلك فإنني أجزم بأن أكاديمية ناصر العسكرية العليا، كانت أحد العناصر التي وضعت القوات المسلحة المصرية في المركز العاشر علي مستوي العالم. أقول ذلك لكي يشعر كل مصري بالفخر والاعتزاز بوجود هذا الصرح العلمي العسكري علي مستوي الأمن القومي، ليس لمصر فقط، ولكن لكل الدول العربية والأفريقية.