جاء قرار المصالحة الفلسطينية الاسبوع الماضي مفاجأة لواشنطن وإسرائيل وقد تضطر كل منهما إلي اعادة الحسابات علي ضوء حالة القلق حول كيفية مواجهة التحرك النشط للاعتراف بدولة فلسطينية.. وما كادت المعارك الامريكية التي دارت بشأن الميزانية الامريكية تهدأ حتي بادر رئيس مجلس النواب الامريكي بتحريض من انصار اسرائيل إلي دعوة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو للحضور إلي الكونجرس يوم 42 مايو القادم لمناقشة قضية الشرق الاوسط علي ضوء الاحداث الثورية في المنطقة. وكان نتنياهو قد قرر القيام بجولة اوروبية سريعة لاقناع بعض الدول الاوروبية بالتحفظ في شأن التصويت علي قيام دولة فلسطينية. وتأتي هذه الجولة مواكبة لمظاهرة مليونية فلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي. وفي الوقت الذي ترددت فيه تقارير عن احتمال قيام نتنياهو باستباق التحرك الدولي باعلانه قبول قيام دولة فلسطينية، قام عدد من اصدقاء اسرائيل بالبحث عن حل لمساعدة نتنياهو وتدفع الكونجرس بالانحياز إلي جانبه في مواجهة التحرك البائس الذي يمارس من قبل ادارة أوباما لتسوية القضية. وكان في مقدمة هؤلاء اليوت ابراهامز الذي عمل كمساعد لمستشار الامن القومي في عهد الرئيس السابق جورج بوش فقد ذكر في تقرير اعده لمجلس العلاقات الخارجية الامريكية ان نتنياهو يمكن ان يكسب المعركة باعلان قبول قيام دولة فلسطينية مع توضيح مشكلة وجود اكثر من ربع مليون من المستوطنين الاسرائيلين داخل اراضي الدولة الجديدة دون حماية وان هناك ضرورة لاستئناف التفاوض لايجاد حل لعملية امن المستوطنين. وفي مواجهة هذا الحشد الموالي لاسرائيلي كانت الادارة الامريكية تبحث عن خيار للتعامل مع المرحلة القادمة وكان هناك في اوساط الادارة من يدعو لضرورة قيام الرئيس اوباما بطرح خطاب يتناول فيه بالتفصيل موقف الادارة من قضية الشرق الاوسط وان يكون خطابه شاملا وليس مجرد اشارة إلي موضوعات قتلت بحثا.. وان يكون عبارة عن خطة أمريكية لحل النزاع العربي الاسرائيلي. فهناك من يري ضرورة أن يكون خطاب اوباما قبل حضور رئيس وزراء اسرائيل للعاصمة الامريكية وان يحمل رسالة تتناول الوضع الشامل في منطقة الشرق الاوسط وهو ما تسانده وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.. وهناك من يري ان يأتي هذا الخطاب بعد التعرف علي موقف نتنياهو وهو ما يرفضه اصدقاء اسرائيل حتي لايكون خطاب أوباما رداً علي الطرح الاسرائيلي ومواجهة له وليس مجرد مبادرة امريكية.. وقد رأي ليزلي جيلب رئيس مجلس العلاقات الخارجية ان الدفع بالرئيس الامريكي لعرض مبادرة دون التشاور مع أي من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني علي ان تشمل المبادرة بعض التنازلات الواجبة علي الطرفين وبصفة خاصة الجانب الاسرائيلي يري جيلب ان هذا الاقتراح قد يشكل تهديدا لمصداقية الولاياتالمتحدة. وقال ان هذا التصرف سيكون بمثابة قفزة من فوق الجبل من اجل السلام وهو أمر لايبدو أن اوباما بطبيعته غير مستعد له. وأي متابع لما يجري في الساحة الامريكية وفي الوقت الذي يستعد فيه أوباما لبدء تحركه نحو الترشح لفترة رئاسة ثانية يدرك ان أوباما لم يغامر بأي من رصيده السياسي لتحقيق سلام الشرق الاوسط وكانت جميع تحركاته تتسم بالحذر الشديد طوال اكثر من عامين حيث كانت عبارة عن تقليب لملف الشرق الاوسط.. ومن المؤكد ان الادارة الامريكية أو الرئيس اوباما سيضع هذا الملف مرة أخري فوق الرف ليتعامل مع ملفه الخاص والبقاء في البيت الابيض لفترة ثانية.