لم يسعدني الحظ أو اتشرف بلقاء الإمام الاكبر د.احمد الطيب شيخ الازهر الشريف ولكنني كونت صداقة معه عن بعد من خلال متابعتي له عبر برنامجه الرائع »فقه الحياة« الذي يعد احد اهم ملامح شاشة قناة النيل للاخبار حيث يدير الحوار معه اعلامي قدير ومتمكن اسمه احمد عتابي استطاع ان يغوص داخل افكار هذا الشيخ الجليل ويصطحب معه الملايين من المشاهدين وانا واحد منهم في رحلة إبحار اسبوعية توضح للقاصي والداني وسطية الاسلام وحرصه علي التعاون مع الآخر بروح المحبة والاخوة التي اقرتها جميع الشرائع السماوية. والإمام الأكبر د.احمد الطيب مهموم بعدة ملفات خطيرة ومهمة ولعل من اهمها من وجهة نظري علي الاطلاق مواجهة مخطط اضعاف المسلمين باستخدام سلاح القنوات الفضائية وهو امر يجب التصدي له بقوة وبعقلية مستنيرة وبخطاب ديني يرفض المغالاة في امور العقيدة الاسلامية ويصحح الافكار والمفاهيم المغلوطة التي يتم زرعها في نفوس وعقول المشاهدين خاصة البسطاء منهم. وانطلاقا من هذا المفهوم المهم اناشد الامام الاكبر الجليل د.احمد الطيب العمل علي احياء مشروعه الذي نادي به منذ عدة سنوات عندما كان رئيسا لجامعة الازهر حيث دعا إلي انشاء قناة فضائية خاصة بالازهر يعهد بها إلي العلماء الحقيقيين المستنيرين الذين لا يبحثون عن الشهرة والنجومية أو المال ليكونوا امناء علي الامة في تشكيل وجدانها وطرح صحيح الدين ولا يعبثون بعقول الناس بإصدار الفتاوي المشكوك في صحتها وهم مطالبون ايضا وفي نفس الوقت بالتصدي للفوضي السائدة في مجال الدعوة الإسلامية، فنحن في مرحلة حرجة تتطلب التماسك والوقوف صفا واحدا في مواجهة كل ما يثير الفتن ويضعف كيان الامة بإطلاق مفاهيم خاطئة تحدث بلبلة في المجتمع وتزيد من درجة الاحتقان الذي يسيء إلي سماحة الدين الاسلامي. واناشدك يا فضيلة الامام الاكبر سرعة العمل علي فتح ملف الخطاب الديني في وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة ولابد أن يكون هناك جهة واحدة للافتاء الرسمي بالتعاون مع دار الافتاء ويكون مجمع البحوث الاسلامية وهو اعلي هيئة دينية في مصر رقيبا عليها لضبط اصدار الفتاوي بما لها من اهمية كبري في سلوكيات الناس. ولابد يا فضيلة الامام الاكبر من تشكيل لجنة علي مستوي بارز تتولي بالتعاون مع قيادات العمل الاعلامي في الراديو والتليفزيون مراجعة ما يتم عرضه من برامج علي القنوات الارضية والفضائية أو ما يتم بثه علي موجات شبكة اذاعة القرآن الكريم التي تمثل اعلي نسبة استماع في مصر والعالم العربي وهي بحق اذاعة شديدة الاحترام وتبذل جهودا خارقة في مواجهة اصحاب الفكر المتطرف ولكنها تحتاج إلي دعم ومساندة الازهر الشريف خاصة في مجال الحوار بين الاديان، فنحن نهدف إلي تقوية دور اجهزتنا الاعلامية المرئية والمسموعة لتصبح حصنا منيعا للدفاع عن الدعوة الاسلامية ونحن نمر الآن بفترة دقيقة وحرجة. ومن ناحية اخري ارجو يا فضيلة الامام تفعيل المبادرة التي اطلقتها بانشاء بيت العائلة في مصر الذي يضم علماء في الدين الاسلامي والمسيحي ومجموعة من المفكرين المتخصصين في شتي المجالات لحل اية خلافات تهدد وحدة الامة وتماسكها خاصة بعدما شهدناه من احداث عقب ثورة شباب 52 يناير التي غيرت وجه مصر ولعل ما قمت به يا فضيلة الامام الجليل خلال احداث كنيسة القديسين في قرية »صول« بأطفيح ثم استقبالك للمواطن المسيحي ايمن متري الذي تعرض لحادث اعتداء في قنا ترتب عليه قطع اذنه يؤكد الدور الذي ناديت من اجله بانشاء »بيت العائلة« في مواجهة الفتن الطائفية التي تهدد امن وسلامة الوطن وياليت المسئولين عن التخطيط الديني في الراديو والتليفزيون يضعون برنامج باسم »بيت العائلة« ضمن البرامج التي يتم تقديمها للناس يركز علي ما تقوم به هذه الفكرة التي يتبناها شيخ الازهر بنفسه واصبح لها دور مهم وحيوي في وحدة صف الامة التي لا تفرق بين ابنائها بدليل ان الازهر ممثل في اعلي رموزه يقوم بتحمل علاج مواطن قبطي تعرض لضرر بالغ استلزم التفاف بيت العائلة من حوله التزاما بالاخلاق الحميدة ومراعاة للاعراف والتقاليد والاخلاق العامة التي نادت بها جميع الاديان والشرائع السماوية. وخالص دعائي لك يا فضيلة الامام الاكبر الجليل متمنيا لك النجاح والمزيد من التوفيق في خطواتك المستنيرة في إدارة مشيخة الازهر الشريف ليظل دائما مؤسسة علمية تهتم بنشر صحيح الدين والوسطية في الاسلام بعيدا عن الافكار السياسية أو الطائفية التي تريد اغتيال العقل بأفكار خربة ومغلوطة.