أخذ الفن المصري منذ نشأته قبل قرون عديدة علي عاتقه مهمة تسجيل ورصد الاحداث المؤثرة في التاريخ المصري ومنذ نشأت السينما قبل اكثر من 006 عام قامت بتسجيل الاحداث والثورات والانكسارات والانتصارات ولكن كان يتم ذلك بعد انتهاء الحدث.. فماذا سيحدث مع ثورة 52 يناير الذي احدثت انقلابا كبيرا في التاريخ العالمي وستعيد كتابة التاريخ من جديد؟! كيف ومتي تأخذ الدراما »سينما وتليفزيون« تأريخ الثورة المصرية الجديد 52 يناير. في البداية يقول الكاتب الكبير يسري الجندي: قبل ان نحدد متي نؤرخ لثورة 52 يناير لابد ان نعترف انها ثورة حقيقية لن يكون تأثيرها علي مصر فقط بل علي العالم اجمع، ان خريطة العالم يعاد صياغتها من جديد ويجب ان نحترم ما حققته هذه الثورة الكبري. واضاف: اما حكاية رصد هذه الثورة في اعمال درامية فهذا يحتاج إلي وقت ليس بقصير حتي تتبلور الصورة الحالية للتغيير وان تستقر الاوضاع ثم بعد ذلك يأتي دور الفن الذي يقرأ الحدث ويحلله وفي نفس الوقت يستشرق المستقبل فالفن دائما يتجاوز الواقع مهما كان هذا الواقع ثوريا. واشار الجندي إلي ان الاعلان عن كتابة عمل درامي يتناول هذه الثورة العظيمة قبل ان تتبلور ملامحها في التغيير هو نوع من التقليل من شأن هذه الثورة، التي تتحدث عن واقع جديد يحمل مستقبلا جديدا. وقال يسري الجندي: نبدأ في كتابة اعمال درامية عن ثورة 52 يناير عندما تتبلور حالة التغير بصورة واضحة وايضا عندما نتخلص من كل زوائد هذا الكابوس المسمي بالنظام السابق الذي مازالت اثاره عالقة بجسد الامة حتي اليوم، عندما تصل إلي هذه النقطة يبدأ دور المبدع في تقدم الحدث وايضا سبق ما سيحدث في المستقبل. وحذر يسري الجندي من الحربائيين الذين يتلونون وينقبلون في لحظات من التصدي لكتابة اعمال في وقت قصير يمكن ان تنقص من قدر وقيمة هذه الثورة العظيمة وادعو المبدعين الحقيقيين بضرورة التأني في كتابة اعمال تتناولها قبل ان تبلور صورتها النهائية. ويري الكاتب محمد صفاء عامر ان الكاتب الدرامي أو الروائي ليس كالشاعر يستطيع ان ينفعل مع الحدث وقت وقوعه ويخرج انفعاله في قصيدة ابداع فوري، لكن الكاتب الدرامي يحتاج لبعض الوقت لهضم الحدث ثم يخرجه في قالب ابداعي وهناك مثلا الاديب الكبير الراحل نجيب محفوظ انتظر لسنوات طويلة قبل ان يؤرخ لثورة 9191 روائيا وانا لا اقول إننا ننتظر لسنوات طويلة ولكن ضرورة التأني بعض الوقت للتحليل والرصد. واضاف: ان احداث ثورة 52 يناير كانت متسارعة لدرجة اننا لهثنا وراءها بصورة اكبر من قدراتنا لذلك فنحن كمبدعين نحتاج لوقت لهضم الحدث وتأريخه دراميا. واكد محمد صفاء عامر ضرورة ألا يتسارع الكتاب إلي تقديم عمل لا يعطي هذه الثورة العظيمة حقها فتظهر اعمال اقل من قيمتها الحقيقية فمثلا الاعمال التي تم تقديمها عن حرب اكتوبر بعد انتهاء الحرب مباشرة لا تتناسب مع قيمة الحرب. واشار صفاء عامر إلي ان ثورة 52 يناير سوف تكون الثورة الملهمة للشعوب ليست العربية فقط بل لشعوب العالم اجمع وقال: لذلك ارجو من كل المبدعين الحقيقيين بألا يتسرعوا بالكتابة عنها قبل ان يهضموها بحيث تخرج الاعمال تناسب قيمتها الحقيقية. واكد السيناريست مجدي صابر ان الدراما ليست مهمتها التأريخ والتوثيق لاي حدث فهذا دور الافلام التسجيلية ولكن الدراما يمكن ان تتناول الاحداث من خلال رؤية وخيال المبدع وقال: اتوقع ان تشهد الفترة القادمة نوعا من الانفجار الدرامي في مختلف الفنون لتناول هذه الثورة التي طال انتظارها 03 عاما من الظلم والفساد والقهر. واضاف مجدي صابر: ثورة 52 يناير حدث عظيم في تاريخ مصر والعالم وعندما تناوله في عمل درامي سواء في التليفزيون أو السينما فلابد ان تدرس دراسة متأنية وهذا يحتاج علي الاقل لثلاث سنوات من الآن لان اي عمل يتم كتابته قبل ذلك قد يكون سطحيا ولا يعطي الثورة حقها. واشار مجدي صابر إلي ان ثورة 52 يناير سوف ينعكس تأثيرها علي الفن بصفة عامة خلال الفترة القادمة من خلال تراجع كبير للفن الهابط والرخيص والساذج والذي اصبح طوال السنوات الماضية هو السائد.