ليس بالتعليمات وحدها، وليس بالبرامج والحوارات التليفزيونية، وليس بالمقالات والموضوعات الصحفية، يمكن أن تتغير صورة الشرطة لدي المواطنين، أو تتحسن العلاقة بينهما، فإن من أفسد شيئا هو الذي يصلحه، والذي أساء للعلاقة هو الذي يجب عليه أن يصلحها، وعلي الشرطة بداية من وزير الداخلية وحتي أصغر شرطي أن تبادر هي بعقد مصالحة مع الشعب والاعتذار له.. وهذا يجب ان يتم بصورة عملية وواضحة، ووفق منهج مدروس..أما قيام بعض أفراد الشرطة من أبناء شرطة وضباط ببعض المظاهرات للمطالبة بتحسين أحوالهم والادعاء بالاعتذار للشعب، وتخللتها بعض دموع التماسيح، فقد كان ذلك لا يعدو سوي مشاهد كوميدية، لم تنطل علي أحد،ومحاولة هروب من المسئولية.. ثم أليس من المضحك أن يطالبوا بتحسين أحوالهم المعيشية؟ وهل هناك أحد في مصر لايدرك أحوال هؤلاء المعيشية، وكيف أصبحوا من الأثرياء؟! إن تحسين العلاقة بين الشرطة وبيننا باعتباري واحداً من الشعب مسئولية الشرطة، فلابد أن تبادر بإلغاء كل الممارسات السيئة التي ظلت تمارسها لسنوات وسنوات، وإلغاء »السلخانات« المنصوبة في كل قسم شرطة وكل مديرية أمن، ومقار أمن الدولة، ولابد من التخلص من قاموس الشتائم والبذاءات الذي كان يتعين علي كل ضابط شرطة بل وكل أمين شرطة أن يحفظه عن ظهر قلب عند بداية عمله، ولابد من أن يتخلص كل ضابط شرطة من نظرة التعالي التي كانوا ينظرون بها إلي »خلق الله«. أتمني أن أدخل مطمئنا إلي قسم الشرطة، ليس وأنا أنهي أوراقا، أو أحصل علي خدمة رسمية فقط، ولكن حتي لو كنت متهما.. وأتمني أن تبادر الجهات القضائية بمحاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية السابق علي كل ما اقترفه من جرائم، لتبرد نار أهالي الشهداء والمظلومين.. وأتمني أن نعرف من قتل الشهيد السيد بلال ومحاكمته.. وأتمني معرفة الذين حاولوا حماية المجرمين الذين قتلوا الشهيد خالد سعيد ومحاكمتهم جميعا.. وأتمني ألا نري أي وجه مرفوض علي شاشات التليفزيون والفضائيات من هؤلاء الذين نصبوا السلخانات، وصفحتهم سوداء ولا يمكن تبييضها.. وأتمني أن يصبح شعار »الشرطة في خدمة الشعب« حقيقة واقعة وليس مجرد شعار.. وأتمني أن يكون محمود وجدي وزير الداخلية الجديد، قد استوعب الدرس جيداً.. وأتمني أن تتحقق كل هذه الأمنيات.