وقف المشير أمام مجلسه العسكري مستدعيا تاريخا طويلا عائداً بالزمن إلي عام 73 حيث معركة الثغرة في الدفرسوار و اليوم الثغرة في قلب وطن علي حافة الانهيار، السؤال يطرح نفسه علي طاولة المجلس إلي متي ستظل مصر ملقاة علي قارعة الطريق تنزف؟ كيف سيذكر التاريخ قادة المجلس العسكري إذا عجزوا عن إنقاذ الوطن؟ بعد انهيار الشرطة وتنحي مبارك بقي المجلس العسكري وحده في مرمي النيران الكثيفة، بينما خطة إنقاذ الدولة كانت قد بدأت ترسم ملامحها علي طاولة غرفة عمليات المجلس، لكن المشكلة الحقيقية كيف سيتم استخدام تكتيكات الحركة العسكرية للتعامل مع الحياة المدنية التي لا تسمح بأي نسبة من الخسائر؟ كيف سيتم كشف أكبر عملية تدليس تعرض لها الوعي المصري؟ المشير في مواجهة الطوفان، والمزاج العام متشوق لحكم الاخوان، كيف سيتم تصنيع الدواء من رحم الداء؟ وسط حفاوة شعبية وصلت الجماعة الإرهابية إلي حكم البلاد ونشرت ميليشياتها العسكرية والسياسية والإعلامية في ربوعه، تتسلل الخلايا السرطانية إلي جسده ببطء إلا أن الأمة لم تتأخر وعلي أبواب الاتحادية أوائل ديسمبر 2013 تعالت الصرخات حيث اطلقت الجماعة ميليشياتها تجاه الحشود الرافضة للاعلان غير الدستوري الذي ألغي الدولة وأحل التنظيم محلها، وقتها بدأ النداء علي الجيش يعود في الميادين والشاشات والبيوت إلا أن صاحب الترياق الذي تعرض إلي التجريح لم يكن بمستطاعه ان يتجاهل النداء الذي وصل صداه لثكناته، الشعب المخدوع بارادته وجد نفسه وحيدا غريبا في وطنه بعدما اختفت النخبة التي ورطته، وجد نفسه خاليا من أي نصير إلا جيشه، جرت الأيام واستجاب الجيش لنداء شعبه بعدما انكشفت الجماعة سياسيا وتنظيميا، وقتها عاد الحديث عن عبقرية المشير طنطاوي بعدما كان متهما بتسليم البلاد للإخوان ممن سلموا عقولهم وقلوبهم لمكتب الارشاد. إن التاريخ مازالت خزينته لم تكشف عن حجم الاسرار والتحديات التي تحملها هذا الرجل، لم يكشف عن حجم الصلابة والحكمة داخل مكنون الرجل، لم يكشف عن قيم الإيثار ونكران الذات التي تسيطر علي ضميره، ويبقي السؤال هل استوعبنا مرارة التجربة؟، هل أدركنا كيف يكون الرجال؟ أم اننا مازلنا في مرحلة المنخدع المتعافي القابل للانتكاسة في أي وقت عائدا لإدمان وتعاطي الأوهام؟! »أخبار اليوم»