اختلطت العسكر وتداخلت الخطوط, نحن الآن في الثغرة, سيعود بنا الزمن في قفزات سريعة إلي نكسة67 ثم حالة اللاحرب واللاسلم إلي حرب الاستنزافلنتعرف علي أسرة من فقراء الأرض حمير هذه الدنيا المكتوب عليهم دائما أن يحملوا طين هذا الوطن علي أكتافهم كما يقول أحمد عبده في روايته ثعالب في الدفرسوار!! سنعود إليهم لنعيش معهم أيامهم سنتعرف علي محسن وضاحي ورحمة وصبيرة وحجازي وغيرهم وغيرهم, ضرب المدافع وهدير الطائرات والقصف الأرضي والجوي لايتوقف, ويرتفع النداء: هاجروا.. هاجروا فيهاجر منهم من يهاجر إلي عمق الدلتا ويرفض ترك الأرض من يرفض ليظل رابضا عليها رغم الدك والطحن والدب والهرس والهبد كما يصف لنا المؤلف, دخل الصهاينة الأرض في الدفرسوار وفي أبي سلطان وفايد والقنطرة شرق واعتقلوا ضاحي ضمن المئات الذين اعتقلوهم فتصرخ الأم: كان المفروض أنهم يعتقلوا أولاد أبوحجر وليس ضاحي! أبو حجر أيضا سرق أرضهم وقتل الأب الشيخ نور مثله مثل الصهاينة الذين أتوا ليسرقوا الأرض, اللصوص إذن في الداخل والخارج, إن الأسرة التي قتل منها الوالد وخطف الولد وتعيش تحت الحصار الصهيوني الآن في الثغرة والزوج الذي مازال في الحرب ترفض ترك الأرض وتستميت في الدفاع عنها, ستهاجر النساء والأطفال ويبقي الرجال لكن نساء الأسرة كرجالها يحملن السلاح ويعرفن قيمة الأرض ومعناها لكن الذي لاتفهمه الأم هو اشتعال الحرب في الشرق وهجوم اليهود في الغرب( يلا حلاوة! جيشنا في الشرق وهم هنا في الغرب!!).. ورغم ذلك فإن سقوط طائرة للعدو في البحيرات المرة يسبب موجة عارمة من الفرحة لكل الفلاحين في الأرض إلا صبيرة التي تري أن رجال العزبة أهم من سقوط كل طائرات العدو في البحيرات.. هذه هي حكاية الثعالب( فقراء الأرض ورجال المقاومة الحقيقيون) في الدفرسوار وسرابيوم لكن كيف يرويها روائي مثل أحمد محمد عبده حتي تكتمل الحكاية بالرواية؟! إن أحمد عبده روائي لايشبه أحدا إلا نفسه, يتأكد لنا هذا منذ السطور الأولي في روايته التي يري أحداثها وأبطالها وأدق تفصيلاتها من الخارج ويعيشها أيضا من الداخل بكل خلجاتها ويهتز كيانه كله مع أدق تهويماتها مستطردا في الوصف أحيانا أخري مستخدما الأغنية الوطنية التي واكبت الأحداث وعاشتها مثله بل إن للمشهد السينمائي في عمله دورا أيضا, يصف أحمد عبده بكاء خديجة إحدي بطلاته فيقول إنها نوبة بكاء ضعيف نحيف مسكين مثل مواء قطة أكل طعامها كلب! وسنقرأ أيضا وصفا لهؤلاء الذين لضمهم الثأر في مسبحة واحدة للانتقام من اليهود أو وصفا للسماء المبرطشة بالسحب والبرق الذي يخمش بأظافره وجه الأرض أو سيوف الرعد التي تنغرس في رءوس الجبال, لكن سؤالا يظل يلح علي أسأله للروائي أحمد عبده عن ألوان الطمي السبعة.. ما هي؟!