تعبير رائع أعجبني لأمام عصره الشيخ محمد الغزالي: »الإسلام بضاعة ثمينة وقعت في يد تاجر خائب»: وأراهن أن الدهشة طرأت علي وجهك وأنت تقرأ هذا الكلام وتسألني يعني إيه؟ وشيخنا الغزالي رحمه الله حلت ذكراه قبل أيام، فقد توفي في 9 مارس من عام 1996م وهذا اليوم بالذات له مكانة كبيرة في تاريخ بلادي، حيث كانت بداية انطلاق ثورة 1919 التي نجحت في تغيير وجه مصر: ويا لها من مصادفة أن يلقي إمام عصره ربه في هذا اليوم، فقد ثار أيضاً علي كل ما يشوه إسلامنا وسعي إلي تقديم الإسلام الصحيح الذي يتفق والعصر الحديث وكل العصور أيضاً. ورأي شيخنا الغزالي بحق أن التدين الفاسد يشوه الإسلام كله بل أن انتشار الانحلال والإلحاد والبعد عن ربنا يأتي كرد فعل علي هذا التدين الذي لا يتفق مع تعاليم السماء فالمسلمون عندهم دين عظيم، لكنهم لا يعرفون كيفية تسويقه إلي العالم وفشلوا في تطبيقه علي أنفسهم أو إقامة مجتمعات إسلامية تكون قدوة لغيرها. وهذا هو المقصود من تعبير: »الإسلام بضاعة ثمينة وقعت في يد تاجر خائب»! وإذا طبقنا هذا الكلام علي الواقع فستجد مظاهر لا تخطئها عين للإساءة إلي الإسلام.. انظر حضرتك إلي هؤلاء الإرهابيين الذين ينطلقون في سفكهم للدماء من منطلق ديني! إنهم يمثلون التدين الفاسد بأبشع أنواعه: ومن جهة ثانية فإن هناك طائفة من المتدينين تجري كلمة »حرام» علي لسانهم مثل السلام عليكم!! تجدهم غلاظاً شداداً يعبرون عن التدين الفاسد أروع تعبير!! ويتربط بهؤلاء أناس من المتدينين عندهم فصل كامل بين عباداتهم وسلوكهم!! والغريب أن هذا هو بالضبط ما يدعو إليه الفكر العلماني الذي يزعم أن الإسلام مجرد عبادة ولا صلة له في شئون الدنيا!! وجاء هؤلاء بفكرهم المعوج ليؤكدوا تلك الأكاذيب الصادرة من أعدائهم!! تري الواحد منهم يستحق عشرة علي عشرة في عبادته وصفر مربع في تعاملاته مع الناس!! ومن مظاهر التدين الفاسد كما شرح شيخنا الغزالي رحمه الله عدم ترتيب الأولويات، فمثلاً قيام الليل سنة بينما عمل الانسان فريضة: لكنك تري من يقضي ساعات طويلة يناجي ربه ثم يذهب إليعمله والتعب والإرهاق يحاصره فلا يستطيع أن يعمل بما يرضي ربنا: وتري من يلطع الناس ومطالبهم أوقاتاً طويلة لأنه مشغول بصلاة الظهر وضميره مستريح تماماً لهذا الأمر!! ويؤكد الشيخ الغزالي رحمه الله أن عقلية الرجل الشرقي متأصلة تماماً في هذا التدين الفاسد! فهو في بيته بمثابة فرعون يريد أن يكون سيداً علي امرأته بحجة قوامة الرجل علي المرأة ولا مانع في سبيل ذلك بحجة أن القرآن يسمح له بذلك!! فهل هذا معقول! وأخيراً فإن الإسلام دعا إلي التقدم بينما نجد الغالبية العظمي من دول العالم الإسلامي ينتمون إلي العالم الثالث وهو تعبير »لطيف» للعالم المتخلف!! والأمية منتشرة بينهم! فإذا وجدت مدنا منظمة ونظيفة في بلاد الإسلام فهذا يعد من العجائب أوالاستثناء!! ومن جديد صدق شيخشي وأستاذي عندما قال إن التدين الإسلامي الفاسد من الأسباب الأساسية لانتشار الإلحاد والانحلال: وكلامه صحيح وهو يقول: الإسلام بضاعة ثمينة وقعت في يد تاجر خائب.