في كل مرة ينجح حزب الشعب اليميني المتطرف في تمرير مبادرة من مبادراته التي تقوم علي كراهية الأجانب. يقول المراقبون إن سويسرا تتجه يميناً لكن هذا لم يعد مجدياً فالحزب لا يأخذ سويسرا نحو اليمين وإنما كما يري الكثير من المراقبين يأخذها إلي العنصرية. فمرة أخري يحقق حزب الشعب اليميني السويسري فوزاً كاسحاً في الاستفتاء الذي دعا إليه وراهن فيه علي أحد أوراقه القديمة الرابحة وهي السكان الأجانب.. فقد وافق الشعب السويسري علي المبادرة الداعية إلي طرد الأجانب الذين يرتكبون جرائم خطيرة ورفض المبادرة البرلمانية البديلة عنها.. وفي تصويت تميز بإقبال واسع اتخذ الناخبون موقفاً صارماً تجاه الأجانب الذين يرتكبون جرائم خطيرة.. وسجلت نسب مشاركة عالية في التصويت وصلت إلي 15٪ تقريباً.. وحظيت مبادرة الطرد علي تأييد 9.25٪ من الناخبين مقابل 1.64٪ رفضوها.. أما المبادرة البديلة التي تقدمت بها الحكومة وأيدها البرلمان فقد رفضها حوالي 2.45٪ من السويسريين. وفي الواقع كان حزب الشعب شبه متأكد عند إطلاقه المبادرة الداعية إلي طرد الأجانب الذين يرتكبون جرائم خطيرة أو يقدمون علي التحايل علي نظام المساعدات الاجتماعية من تحقيق نتيجة جيدة والفوز في صناديق الاقتراع وبالفعل تجنب الحزب هذه المرة الحديث عن الأجانب بشكل عام واختار تسليط الضوء علي المجرمين الأجانب وهي فئة من السكان غير مرشحة للحصول علي تعاطف المواطنين. وتنص المبادرة التي وافق عليها الشعب السويسري علي سحب حق الإقامة وطرد الأجانب الذين يرتكبون جرائم خطيرة كالقتل والاغتصاب والسطو المسلح والاتجار في المخدرات أو الاتجار في البشر أو الاحتيال من أجل الحصول علي المساعدات الاجتماعية.. تدعو المبادرة إلي أن تتم عمليات الطرد بشكل آلي ومنتظم وأن تشمل الأشخاص الذين يرتكبون الجرائم سابقة الذكر بغض النظر عن وضعهم القانوني أو العائلي أو عدد السنوات التي قضوها في سويسرا.. ودون النظر إلي أي مدي اندماجهم في المجتمع أم لا. وقال بيان لجمعية المهاجرين من الجيل الثاني والثالث إن السويسريين قد أرسلوا إشارة واضحة مفادها أن الأجانب في سويسرا غير مرغوب فيهم وهم موضع اتهام.. يمكن أن يكون متسامحا معهم ولكنهم لا يحظون بالاحترام.. وسويسرا تضع أكثر فأكثر قوانين تقسم السكان إلي مجموعات متمايزة.. وننتهك بذلك دستورنا الذي ينص علي أن الجميع متساو أمام القانون. إنها نهاية أسطورة الاندماج.. وأعربت الجمعية عن قلقها الشديد مما يخبئه حزب الشعب للمستقبل مشيرة إلي أن هذه الاستراتيجية الموظفة للخوف تخدم جيداً مصلحة هذا الحزب.. وإذا ما تواصل هذا التوجه سوف ينتهي الأمر إلي ما لا يحمد عقباه. مفوضية الأممالمتحدة العليا لشئون اللاجئين وبعد نتيجة التصويت علي مبادرة طرد المجرمين الأجانب حذرت سويسرا من عمليات الطرد الجماعي وطالبتها بدراسة كل حالة علي حدة بشكل منفرد حيث إنه لا يجوز طرد أجنبي قد يكون معرضاً للخطر أو القتل أو التعذيب أو الاضطهاد إذا عاد إلي وطنه وإلا تكون قد ارتكبت مخالفة للقانون الدولي الإنساني.. وأكدت مفوضية شئون اللاجئين أن عدم الترحيل القسري هو حجر الزاوية في القانون الدولي الإنساني. إلا أن بيطار مدير المكتبة العربية بجنيف يقول إن هذه النتيجة تعني أن سويسرا أدخلت موجة جديدة تذكر بمبادرة هانس شفارتنباخ وهو سياسي يميني أطلق أول مبادرة للحد من نسبة الأجانب في سويسرا في السبعينيات من القرن الماضي فالتصويت علي حظر المآذن أو طرد المجرمين الأجانب أضفي شرعية علي السلوك العنصري الموجود بالفعل دون تقديم حلول لموضوعات جدية بل يقضي علي التعايش السلمي والتعدد داخل المجتمع ويغذي الأفكار المسبقة تجاه الأجانب.