محمد الحداد من صفات أهل القرب الواصلين إلي الله عز وجل الذين ذاقوا طعم محبة الله أن الورع والزهد والصبر والإخلاص والصدق والتوكل والثقة والمحبة والشوق والأنس والأخلاق الجميلة وما استوطنوه من البر والكرم .. كله معهم ساكن في طبعهم مخفي في سرائرهم لا يحسنون غيره لأنه غذاءهم وعادتهم ولانهم فرضوا ذلك علي أنفسهم كما ليس لهم في أداء الفرائض ثقل وذلك لما غلب علي قلوبهم من الإيثار لله عز وجل والقرب منه فهم عاملون بلا تشاغل وقلوبهم بالله مشغولة .. استولي عليها القرب من الله عز وجل والمحبة لله والشوق إليه والرهبة منه والتعظيم له والإجلال. أحضر الأن عقلك واجمع همك ولا تسمع العلم وأنت غائب العقل عن الذي يلقي اليك فلا عذر لك بعد العلم والبيان لأنه قد تأكدت عليك الحجة ... فاعمل علي الإخلاص إلي الله عز وجل فتقر عيناك بمعرفته في هذه الدار عاجلا قبل الآجل ثم ليدوم حزنك ويشتد خوفك ورهبتك وتزداد كل حال كنت تجدها أضعاف ما كنت تجدها قبل المعرفة والوصول ... ومصداق ذلك في كتاب الله وسنة نبيه قال الله تعالي : ( إِنَّمَا يَخْشَي اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ اْلعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) (فاطر/ 82) عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : (إِنِّي أَرَي مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ َلهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ ، وَاللَّهِ َلوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ َلضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وََلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَي اْلفُرُشِ، وََلخَرَجْتُمْ إَِلي الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إَِلي اللَّهِ) إن أهل القرب لا يرضون من أنفسهم أن تقاوم الأمور عند حلولها والأحداث عند نوازلها حتي تتمكن من قلوبهم فيحتاجون أن يصبروا عليها أو يرضوا بها بل الصبر لهم تابع مضاف لأنهم طالبوا أنفسهم صحة الشغل بالله تعالي والانفراد به فلم يرضوا عند ذلك أن يقاوم الامور النازلة بهم ذكر الله تعالي حتي تساويه والله غالب علي أمره.