ظلت سيناء موضوعا لعشرات الأبحاث والمؤتمرات والمخططات منذ تحريرها في اكتوبر 1973، ولكنها لم تشهد ارادة سياسية حقيقية لتعميرها سوي في فترة حكم الرئيس أنور السادات، وكانت كتائب التعمير التي قادها المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان والتعمير هي التي كافحت لشق الطرق وسط الجبال العتيدة وربط شمال سيناء بجنوبها وربطهما بالوادي عبر نفق الشهيد أحمد حمدي الذي يعبر أسفل قناة السويس، وبدء مشروع ضخم لتوطين البدو وإقامة مجتمعات زراعية وإنهاء عزلة سيناء بعد عودتها للوطن الأم. وحين فُترت الإرادة السياسية عادت سيناء تشكو عزلتها وتحولت إلي مجرد "ملف أمني" تتعامل معه وزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة بينما لا تتحمس له بقية وزارات الحكومة إلا نظريا فقط! ومع ازدياد المخاوف مما يحدث في سيناء وخطورة تأخير التعامل معها بإرادة حقيقية في التعمير والتنمية والدفاع عن هويتها المصرية، وعدم وضوح حقيقة مايقال عن بيع أراض بها لغير المصريين، ومطامع إسرائيل المعروفة فيها، يصبح الأمر أكثر خطورة من تجاهله، لأن هناك هدفا استراتيجيا حيويا مطلوب الدفاع عنه بعمق لحرمان أي قوات معادية من الوصول إليه أو تهديده ألا وهو منطقة القناة ومدنها للمحافظة علي استمرار الملاحة والحياة الطبيعية بها سلما وحربا. سيناء ليست مجرد جزء من الوطن ولكنها كنز يطمع فيه الآخرون بينما يهدده التباطؤ الشديد في الاهتمام بفقدان الهوية والانتماء، ولعل ذلك مادفع قدامي المحاربين من أبطال حرب اكتوبر لتنظيم وقفة الشهر الماضي أمام النصب التذكاري للجندي المجهول تحت شعار »حتي لا تضيع سيناء« طالبوا فيها بحظر امتلاك الأجانب لأي شبر في سيناء، والبدء فوراً في عملية تنمية شاملة في سيناء، تحت إشراف هيئة مستقلة تديرها شخصيات مشهود لها بالكفاءة والوطنية والتزام السلطات بالشفافية والوضوح في كل ما يتعلق بسيناء، وقرر أبطال أكتوبر أنه في حالة تقاعس السلطات، فإنهم سوف يطالبون بتسليحهم كي ينقذوا سيناء التي رووها بدمائهم وتحمل رمالها رفات أغلي الرجال. وأعتقد أن هذه هي مطالب كل المصريين.