سمىر عبدالقادر بعد يومين يحل يوم18 ديسمبر ، في مثل هذا اليوم التاريخي من عام 1914 أي منذ 98 عاما خرجت الوقائع المصرية تحمل في صدرها سطورا قليلة ، ليست قانونا ولا مرسوما ، ولا أي شكل من اشكال التشريع ، لانها لم تصدر من جهة شرعية ، وإنما هي "إعلان" له صيغة الاعلان وصفته.. كان يقول بالنص "يعلن ناظر الخارجية لدي جلالة ملك بريطانيا العظمي أنه بالنظر لحالة الحرب التي سببتها تركيا ، قد وضعت بلاد مصر تحت حماية جلالته، واصبحت من الآن فصاعدا مشمولة بالحماية البريطانية، وبذلك قد زالت سيادة تركيا عن مصر ، وستتخذ حكومة جلالته كل التدابير اللازمة للدفاع عن مصر وحماية أهلها ومصالحها" وفي الصباح التالي خرجت الوقائع المصرية تحمل اعلانا ثانيا يقول: يعلن ناظر الخارجية لدي جلالة ملك بريطانيا أنه بالنظر لإقدام سمو عباس حلمي باشا خديو مصر علي الانضمام لأعداء الملك، فقد رأت حكومة جلالته خلعه من منصب الخديو ، وقد عرض هذا المنصب السامي مع لقب سلطان مصر علي سمو الامير حسين كامل باشا أكبر الامراء في سلالة محمد علي فقبله" هكذا باعلان بسيط أصبح لانجلترا حق التحكم في مصير مصر ، بعد أن انفردت بتعيين السلطان ، ولم يكن اعلان الحماية وتعيين الخديو مفاجأة ، فقد انتشرت الاحاديث عنه بين الناس في المجالس والاماكن العامة قبل وقوعه، وكانت انجلترا قد احتاطت لما قد يحدث فأعلنت الاحكام العرفية ، ولم يكن مستطاعا أن يفعل الناس شيئا حتي إن جريدة الشعب التي كان يصدرها أمين الرافعي ، والتي كانت اوسع الصحف انتشارا لم تجد ما تصنعه ، إلا أن تحتجب عن الصدور. وهرع حملة الالقاب والثروات يحرقون البخور بين العهد الجديد ، وأخذ الشباب يفكرون في شيء يفعلونه للتعبير عن غضبهم وسخطهم واستنكارهم لما يحدث.. وجاءت الفرصة بعد شهرين ، اذ اعلن السلطان حسين كامل انه سيزور مدرسة الحقوق وذهب السلطان فوجد المدرسة خاوية، وقاعات المحاضرات قد هجرها الطلبة، ومن هؤلاء الشباب الذين ساهموا في الاضراب والذين عرفتهم مصر فيما بعد وأصبحوا من الاسماء اللامعة: صبري أبو علم ، يوسف الجندي،عمرعمر،سليمان حافظ، فكري اباظة ، حسين مختار رسمي ، مرسي فرحات، سليمان نجيب. إن يوم 18 ديسمبر من أهم الايام التاريخية التي يجب أن نذكرها فهو يعكس صورة مشرفة لكفاح الشعب المصري ضد الاستعمار.