الغضب العام من التوريث.. وسيطرة رموزه وفلوله علي مناصب الدولة.. واحتجاز مقاعدها البرلمانية والسياسية.. والاستحواذ علي مواردها وثرواتها.. ثم تجاهل الاحتقان الشعبي.. والتعامل معه بمنطق قافلة الفساد تسير والشعب يعوي. كل هذا كان الوقود الذي اشعل الثورة.. والتي اطاحت بالنظام الحاكم كله! القادمون لحكم مصر بعد الثورة لم يتعلموا من دروس التاريخ..ولا من أخطاء الاخرين.. ولم يأخذوا عبرة مما جري لمبارك ورموزه وفلوله.. بل طووا صفحاتها..! أجروا عملية تجميل للتوريث.. وحولوه إلي ما يسميه العامة والكافة (أخونة الدولة).. وهو ما عبر عنها الكاتب والفقيه السياسي جلال أمين بقوله أن »النظام مشغول بتمكين الجماعة من أركان الدولة«! نعلم أن نجاح أي حزب سياسي يعطيه الحق في وضع رجاله في المناصب المهمة.. لمعاونة الرئيس المنتخب والقادم من صفوفه.. وذلك يحدث في أغلب ديمقراطيات العالم. لكن توزيع رجال الحزب الفائز له نسب ومعايير وقواعد تتعلق بالكفاءة والخبرات المؤهلة لتولي تلك المناصب.. بعيداً عن سياسة الاحلال والتجديد والاستحواذ.. والاقصاء.. واختيار من لا يملكون مؤهلات تلك الوظائف ودون مراعاة للمصلحة العامة للدولة.! النظرة العامة علي أحوال مصر التي لم تعد محروسة نجد فيها ما يؤكد غياب المعايير والمنطق السياسي في اختيار حكومة تتولي أمورها في ظروف بالغة التعقيد اقتصاديا واجتماعياً وأمنيا.! لم يأت رئيس وزراء من الشخصيات الاقتصادية المشهود لها.. ولم تضم الوزارة نفسها فريقا اقتصاديا يستطيع العبور بها من تلك المرحلة.. بل جاء رئيس وزراء كان مديراً لمكتب أحد وزراء الري.. ثم ترقي ووصل لمنصب الوزير فيها.. وتلك خبرات لا تؤهله أن يدير مصر في ظروفها الحالية..! نفس الأمر انصب علي وزراء الحكومة حيث جاءوا من الجامعات.. بلا خبرة في المجال التنفيذي.. ولا مؤهلات أو خبرات سابقة تجعلهم علي مستوي ادارتها.. والخروج بها من عنق زجاجة المشاكل المتراكمة.. والدليل بطء وتراجع وضعف الاداء الحكومي! امتدت نفس السياسة لتشمل المحافظين الجدد.. وأغلبهم والحمد لله من اسماء غير معروفة ولا معلومة ولا صاحبة خبرات تؤهلها للوظيفة الصعبة.. وأغلبهم أطباء واساتذة جامعات.. ولا أعلم ما سر التركيز علي اختيار استاذ الجامعة الاكاديمي الذي لا يجيد سوي تدريس علومه لطلابه.. وذلك امر لا علاقة له بادارة محافظة سياسياً وتنفيذياً وحل مشاكل ومواجهة اعباء مواطنين وموظفين علي مختلف المستويات.! الغضب العام من الحكومة ومحافظيها وضعف الاداء.. وتراكم المشاكل، يؤكد ان سياسة توريث الوظائف التي ادت الي انهيار اقتصاد مصر.. ومازالت مستمرة وتم استبدالها بما يسمي عملية أخونة الوظائف أو اختيار أهل الثقة من حزب الحرية والعدالة الذي أتي منه رئيس الجمهورية!. لهذا لم يشعر الناس ان مصر تغيرت.. وأن عصر مبارك برموزه وفلوله انتهي إلي غير رجعة..! مصر في حاجة إلي إشراك صفوة العلماء والخبراء والكفاءات من ابنائها في إدارة بلدها والعبوربها من بحر المشاكل.. وليس الي أهل الثقة من الحرية والعدالة وغيرها..!