أزمة الدولار التي نعيشها اليوم والتي تتسبب في أزمة اقتصادية كبيرة.. ليست وليدة اليوم،وانما تمتد جذورها إلي بداية الثمانينيات.. وخاصة مع سياسات الانفتاح الاقتصادي التي بدأها الرئيس أنور السادات، وبرامج الإصلاح المتعاقبة التي «زادت الطين بله».. فأدت إلي مزيد من الفقر والبطالة، ثم 25 يناير، والتي دمرت اقتصادنا تماما مابين اضراب عن العمل،ومظاهرات،ومطالب فئوية مدمرة.. أدت إلي توسيع حجم الإنفاق الحكومي،في ظل عجز شديد في الموازنة العامة،وارتفاع الدين الداخلي،ومع كل ذلك أصر الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يبدأ بالبناء.. فأعلن عن مشروعات عملاقة اقتصادية واجتماعية، وكانت المعارضة كبيرة،كيف نتجه للإنفاق في ظل هذه الأزمة،وهل يقوم اقتصادنا بالدين،والاعتماد علي التبرعات والمساعدات.. وبدأت المشروعات الكبري قناة السويس طرق وكباري وحدات سكنية اجتماعية لمحدوي الدخل جنبا إلي جنب مع بناء الجيش الذي يدافع ويحمي ويحارب ضد الارهاب في معارك طاحنة في سيناء،اسفرت عن استقرار أمني كبير.. ومرعام علي افتتاح قناة السويس الجديدة ورغم أن عاما في عمر المشروعات العملاقة لا يعتبر طويلا.. فهو فترة قصيرة جدا.. الا أن هذا العام أثبت الكثير وتحقق خلاله الكثير فعند بدء العمل في التفريعة الجديدة لقناة السويس هاجمها البعض بشدة.. قالوا أن الناس أكثر احتياجا لل»فلوس» التي ستوضع فيها وأنها ستتكلف الكثير..واتضح الآن وبعد عام واحد من افتتاحها،بُعد نظر الرئيس عبد الفتاح السيسي،فلو كنا بدأنا العمل في قناة السويس اليوم وفي ظل ارتفاع اسعار الدولار كم كانت ستتكلف والمشروعات التي يعترضون عليها بحجة انها ستستنزف الميزانية مثل الطرق والكباري وغيرها هي الاساس الذي سنبني عليه بعد ذلك،والتي يمكن أن تعوض خسائرنا أمام الدولار.. وبدأت النتائج تظهر.. فمع متابعتنا لأزمة الدولار لم نحتف بما يكفي بإعلان وزير الصحة عن علاج 580 ألف مريض من «فيروس سي» بنسبة نجاح %97، والانتهاء تمامًا من قوائم انتظار المرضي المسجلين لدي وزارة الصحة علي مستوي الجمهورية،والتي كانت تصل قوائم الانتظار بها إلي 6 شهور واحيانا عام بتكلفة 2.6 مليار جنيه.. أيضا فوجئا بسكان العشوائيات وقد انتقلوا لمساكن ومجتمعات عمرانية علي مستوي راق.. وشبكة رائعة من الطرق والكباري هذا بالاضافة إلي بناء وتوسيع محطات الكهرباء «الاتفاق مع سيمينز الألمانية»،والتي كنا نعاني بسببها لفترة طويلة.. لو نظرنا إلي معدل نمو الاقتصاد المصري «2014/2015» سنجده قد تجاوز ال4% حسب أرقام البنك الدولي، أي حوالي ضعف معدل النمو خلال السنوات من 2011 وحتي 2014 لا أنكر ان كل هذا الانفاق الذي أراه من وجهه نظري كان ضروريا وأن عائده أكثر كثيرا من خسائره التي تتمثل في أزمة طاحنة في الدولار أدت إلي تخفيض الجنيه في مارس الماضي، مع وجود سوق سوداء، الفجوة بينها وبين السوق الرسمية غير طبيعية وغير مسبوقة فأزمة الدولار كما يقول خبراء الإقتصاد.. جزء منها سببه زيادة الطلب علي الدولار بسبب احتياج الاستثمارات الكبيرة لاستيراد مكن ومواد وسيطة ومستلزمات إنتاج وغيرها، وعدم وجود دخل دولاري بسبب أزمة السياحة وعدم وجود تصدير للخارج وجزء منها سببه البيئة المضاربة والامتناع عن البيع انتظارا لقفزة جديدة لسعر الدولار المطلوب أن نعيد ترتيب أولويات الإنفاق العام خلال الفترة القادمة علي أن نضع في أولي الأولويات علاج اقتصادي لبنود الموازنة التي يمكنها أن تدر دخلا دولاريا وأولها التصنيع للتصدير وإعادة السياحة وتخصيص كل جهودنا لإنقاذها حتي لو تطلب ذلك مزيدا من الإنفاق علي أن نتحدث للخارج وليس لأنفسنا وأن نصلح منظومة السياحة من الداخل أولا.. بداية من وصول السائح إلي المطار حتي مغادرته فهي اساس أي علاج للازمة هناك مشكلة..نعم نحن جميعا نعرف أن هناك أزمة ولابد من علاجها علاجا جادا وليس مجرد مسكنات.. لابد أن نتكاتف جميعا في مواجهه الأزمة فإذا كان للأزمة شق سياسي واقتصادي فلها شق اجتماعي كبير يعتمد علينا جميعا.. نحن دولة في مرحلة بناء وعلينا أن نرشد إنقاقنا ونمتنع عن شراء المواد الرفاهية المستوردة التي تستنزفنا وتستنزف اقتصادنا وتؤثر علينا سلبيا فهذا هو ما تفعله الشعوب في مرحلة بناء دولها تتجه للعمل والانتاج وتستغني عن المستورد من الاحتياجات غير الأساسية.. وعلينا أن نكتسب المزيد من الثقة في أنفسنا وفي قائدنا وأن ننظر إلي المشروعات العملاقة علي أنها كنز تم بناؤه ليس فقط للأجيال القادمة ولكننا أيضا سنبدأ الحصاد قريبا.