عندما يسألونك عن الفصاحة والبيان وعلوم القرآن فقل هي لنا ولم لا والأزهر دارنا ونوابغه أبناؤنا، هكذا كنا نرفع رءوسنا بين أشقائنا والعالم أجمع لأننا نملك خير سفراء ومدينة للعلوم هي الجامع الأزهر، كان لطلابه شأن، فهم حفظة القرآن وألفية ابن مالك ومتن أبي شجاع، الكل يشير إليهم بالبنان، وكان يعدون الفتي عالما عندما يصل للعالمية، أي (في مقام الثانوية العامة) لأن الفتي وقتها كان يعتلي المنبر فيهز أركانه بفصاحته وعلمه وكان لكل قرية فصحاؤها ينتظرونه فإذا اجتاز مخارج الألفاظ ولم يخطأ في القواعد فذاك كان بالنسبة لهم مولد عالم، أما عن علوم الأزهر فكانت بين يديه، وكان دول العالم كلها من أقصاها لأدناها تقصد هذا الجامع الجامعة وتنتظر بعثاته فهم سفراء مصر الحقيقيون يتجمعون حولهم يغترفون من علمهم، وكان الأزهر يكرم أبناءهم بالأروقة عندما يسمي الرواق باسم البلد الذي جاء أبناؤه للعلم، وعندما أصبح لهم أبناء تعلموا فن الخطابة فكانوا دون مستوي أبنائنا لأن كلا منهم يكتب الكلمة التي يريد إلقاءها وإذا غابت عنه الورقة تلعثم وتشتت معاني الخطبة، أما أبناؤنا بعد الاستهلال والحمد والصلاة علي أشرف الخلق هو كالفارس بحصانة يصول ويجول بين أركان خطبته، لذلك أري ما أقدمت عليه وزارة الأوقاف من إعطاء الخطباء خطبة الجمعة مكتوبة ؟ هو استخفاف بالأزهر وأبنائه، وقتله فما حاجة الناس للأزهر والخطيب يلقي كلمة مكتوبة لا تغيب عنه أعينه، وإن غابت وقع في المحظور الأمني، هذا قتل للإبداع والبحث وأعمال العقل، هذه كارثة وليس تجديدا للخطاب، هل وصل بكم الرعب لهذه الدرجة أن يتطرق الإمام فيضرب أروع الأمثلة عن العدل وإنصاف الأئمة أم تخشون أن يتطرق إلي حال المسلمين وما وصلوا إليه، فأنتم من قبل وضعتم لهم الخطة واخترتم لهم رءوس المواضيع التي يتحدثون فيها ومشكور لكم تركتم لهم البحث والإلمام بفحوي الخطبة، أما كونكم تريدون كتابتها فاغلقوا الأزهر وسرحوا أبناءه واعطوا الوريقات لمن له شجاعة مواجهة الجماهير، ولنقل ضاع الأزهر وقتلت فصحاته وبيانه واغتيلت علوم القرآن.