هذا الأسبوع عاد الحديث عن مشروع النهضة الذي تبناه حزب الحرية والعدالة ليكون البرنامج الانتخابي لمرشحه الفائز بمنصب رئاسة الجمهورية الدكتور محمد مرسي، فبعد أن خفت الحديث عن المشروع جاءت الندوة التي نظمها المشروع للاعلان عن الاتجاه لتوقيع بروتوكول مع أكبر خبير تنموي في العالم وهو البروفيسور هيرناندو دي سوتو رئيس مؤسسة بيرو للحرية والديمقراطية، لاستكمال وتحديث بيانات مشروعه البحثي عن الاقتصاد الموازي في مصر "أو ما يعرف بالاقتصاد السري" ، ووضع آليات لضم هذا القطاع للمنظومة المصرية، والذي بدأه سنة 2000 لكنه توقف عام 2004 بسبب عدم وجود إرادة سياسية لدي النظام السابق لتحقيق الاصلاح الاقتصادي"علي حد قول أشرف سري" عضو المجلس التنفيذي لمشروع النهضة" ويعد سوتو من أكبر وأشهر المستشارين الاقتصاديين في العالم، بسبب خبرته الطويلة في تطوير منظومة الاقتصاد الموازي، بعد أن ساهم في اعادة هيكلة قانون الأرضي في بيرو، مما سمح لأكثر من 2.1 مليون أسرة فقيرة بتملك الأراضي والانتفاع بها، كما تولي مسئولية اطلاق 400 مبادرة ومشروع قانون ساهمت جميعها في تغيير النظام الاقتصادي في بلاده للأفضل، كما عملت مؤسسته علي تحويل اكثر من 380 ألف شركة من العمل في السوق السوداء لتصبح مسجلة في المنظومة الاقتصادية الحكومية، لذلك لم يكن غريبا حصوله علي أكثر من 15 جائزة دولية ومحلية لدوره في تطوير النظريات الاقتصادية الخاصة بالاقتصاد الموازي. وبدأ سوتو كلامه بأنه بدون توثيق لما تملك فإنك لا تستطيع الاستفادة منه، مضيفا أن دراسته السابقة عن الاقتصاد المصري والتي سيجري تحديثها تؤكد أن 92٪ من ملاك العقارات في مصر ليست لديهم وثائق قانونية سليمة لاثبات هذه الملكية، مضيفا أن هذا يمثل عقبة أمام استثمار هذه العقارات والأصول العقارية، كما ان هناك 18٪ من الشركات المصرية الموثقة رسميا بشكل صحيح بينما ال 82٪ الأخري من الشركات لا تعمل بشكل مقنن علي نحو سليم، لذلك عندما يأتي المستثمر الأجنبي لا يستطيع الثقة في إجراءات توثيق هذه الشركات. وأضاف دي سوتو: خلال دراساتي السابقة بحثت في الشوارع بما فيها العشوائيات مع 120 خبيرا مصريا يمثلون مختلف التخصصات، بخلاف فريقي البحثي عن بيانات توثيق العقارات والأنشطة حتي لا نعتمد فقط علي البيانات الموجودة بالسجلات الرسمية، ووجدنا ان حجم مخالفات البناء علي جانبي نهر النيل لا يمكن تصديقه، لأن 25 مليون مصري يعيشون علي ضفتي النهر، وهو ما يعوق السيطرة علي حالات التعدي بالبناء علي الأراضي الزراعية، حيث إن الناس يبنون أدوارا مخالفة ليرتفع العقار لضعف الأدوار التي يتم علي أساسها استخراج رخص البناء. وأشار سوتو إلي مشكلة البيروقراطية في مصر قائلا انه لكي تفتح مخبزا بشكل قانوني فإن ذلك يستغرق 548 يوما لاستكمال الاجراءات القانونية،كما دعي سوتو لتنفيذ استراتيجية لجذب الباعة الجائلين للاقتصاد الرسمي، خاصة أن بيانات مشروعة تشير إلي أن تعديات الباعة الجائلين تصل مساحتها لنحو 7 آلاف هكتار في شوارع مصر، من خلال توفير بدائل لهم، واعطائهم وثائق تثبت أحقيتهم في البديل، حتي يمكن للدولة أن تستفيد من الأصول التي يهدرونها، خاصة أن مصر تتفاوض مع البنك الدولي للحصول علي قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8٪ مليار دولار، ولا يعرف احد ما النصيب الذي سيعود علي الفقراء من هذا القرض، بينما أن هؤلاء الفقراء يملكون اصولا عقارية قيمتها 347 مليار دولار، وربما يكون هؤلاء الفقراء الحل الأمثل لتنمية الاقتصاد المصري إذا تم تنظيمهم واستغلالهم بشكل ايجابي لتحقيق التنمية، ولكن يجب الوصول لطريقة سليمة لتحقيق ذلك. وأكد د.محمد البهي عضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات أن غالبية العقارات الموجودة بالمدن الجديدة خالفت القواعد سواء يضم مساحات لها أو زيادة الارتفاعات، مطالبا بفرض رسوم أو ضريبة عقارية علي جميع الأصول العقارية بنسبة 2.5٪ وسدادها فورا لانعاش الخزانة العامة للدولة بما يفوق قيمة القرض الذي تطلبه مصر من صندوق النقد الدولي، مضيفا انه يمكن اعتماد العقود العرفية كعقود رسمية تثبت الملكية، مع حساب القيمة السوقية للعقارات، وقال إن المشكلة الأكبر أننا نتعامل مع كل حكومة بعشوائية، لأن هناك موظفين بالجهاز الاداري للدولة يستفيدون من هذه العشوائية، فنسبة كبيرة من المواطنين يدفعون مبالغ للموظفين تفوق الرسوم الرسمية المطلوبة لتوصيل المرافق كالكهرباء مثلا لعقاراتهم المخالفة، مطالبا بان يكون مستند سداد الضرائب الوسيلة الوحيدة للحصول علي الخدمات التي توفرها الدولة.