في الحي الجنوبي بسوق الأرز بقرب نهر النيل،يقع مسجد «المعيني» الأثري أقدم مساجد دمياط ويحتل موقعاً متميزاً في المدينة،بمنطقة شارع الشرباصي، وتم تشييده عام 1310 ميلادية في عهد المماليك،وبالتحديد أثناء حكم السلطان الناصر محمد بن قلاوون.. وقام ببنائه تاجر دمياطي يدعي محمد بن محمد بن معين الفارسكوري علي نفقته الخاصة تخليدًا لذكري جده.. وتم بناء المسجد فوق «قناطر»، ليكون مرتفعاً علي مياه النيل وتم تشييده بنظام الحوائط الحاملة والعقود الكبيرة الحاملة لمداخل الايونات الرئيسية. ويشير خبراء الآثار والمعماريين إلي أنه من المساجد النادرة في الوجه البحري،خاصة في تخطيطه وزخارفه وطريقة بنائه،التي تمت علي الطراز المملوكي،وكان الغرض الأساسي من إنشائه أن يستخدم كمدرسة لتدريس العلوم الشرعية ومذاهب الفقه، ويتكون من صحن مفتوح وأرضيته محلاة بالفسيفساء ويضم أربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة،وكل إيوان منها له سقف مزين بالأخشاب بديعة الزخارف،وخصص كل إيوان ليكون مدرسة خاصة بتدريس مذهب من مذاهب الفقه الأربعة للأئمة مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل. وكان المسجد قبلة للمتصوفة الذين كانوا يتخذون منه مكانًا للإقامة فيه لإحياء ليالي الذكر وقراءة الأوراد الخاصة بهم، لاسيما وأن المسجد صممت به أماكن خاصة لهم،وظلوا يقصدونه لسنوات طويلة،ويتم الانفاق عليهم من الوقف الذي أوقفه محمد بن معين الفارسكوري،وظل المسجد يقوم بدوره كمصلًّي للمسلمين ومدرسة لتدريس الفقه بمذاهبه الأربعة حتي بعد وفاة مؤسسه ابن معين وكان ينفق عليه من تركته ووقفه لعشرات السنين،ولكن بدأ الإهمال يطال المسجد والمدرسة شيئًا فشيئًا،حتي توقف تمامًا عن استقبال المصلين وطلاب العلم. وظل المسجد مغلقا حتي تم في عام 2007 البدء في مشروع الترميم تحت إشراف وزارة الثقافة بتكلفة حوالي 13 مليون جنيه،ليتم اعادة افتتاحه لاستقبال المصلي في 20 يوليو 2009 الموافق 27 رجب 1430هجرية.. واقتصر دوره بعد الترميم علي استقبال المصلين فقط لإقامة الصلاة والشعائر الدينية.. وتوقف التدريس به واستمر غلق الإيوانات الأربعة التي كانت مخصصة لتدريس المذاهب الشرعية،ويشير محمد مهران احد المترددين علي المسجد إلي انه يعد من أشهر مساجد دمياط،وكان يأتيه كبار الخطباء والفقهاء،ومن أبرزهم الشيخ محمد عبد الحميد البواب.