الكاتب الصحفي حلمي النمنم ، باحث ومؤرخ مهتم بالقضايا التاريخية ، عاشق للثقافة والكتب ، له العديد من المؤلفات منها : "علي يوسف وصفية السادات"و" الفكر العربي والصهيونية وفلسطين"، سيد قطب وثورة يوليو ، كما حقق عددا آخر من الكتب منها: "الصهيونية تاريخها وأعمالها" لجورجي زيدان . في هذه الأيام صدر له عن دار الهلال احدث كتبه تحت عنوان " طه حسين والصهيونية ". الكتاب يدور حول فلسطين والصهيونية وإسرائيل في عقل وكتابات عميد الأدب العربي د. طه حسين ويقول مؤلف الكتاب عن سبب اختياره طه حسين بالتحديد : لأنه من ابرز كتاب جيل الثلاثينات والأربعينيات ذلك الجيل المتهم بالغفلة أو الصمت بل لان الأمر في حالة طه حسين تجاوز ذلك بالمرة وبلغ حد اتهامه بالعمالة للصهيونية ولليهود وانه يكره فلسطين ، ويتناول الباب الأول من الكتاب قصة حياة وفكر عميد الأدب العربي مولده وطفولته وثقافته ثم ينتقل في الفصل الثاني الي معركة والقضايا الكبري التي خاضها منذ كان طالبا في الجامعة وقبل سفره في البعثة إلي فرنسا والتي تركزت حول ثلاث مجالات كما يقول المؤلف في سطور كتابه : القضية الأولي كانت حول الدعوة إلي تجديد الفهم والتفكير الديني ورفض الجمود ، وبلغت ذروة هذه الدعوة بكتابه " في الشعر الجاهلي " والقضية الثانية : رفض الاستبداد والتسلط السياسي والقضية الثالثة : رفض الظلم والقهر الاجتماعي سواء ظلم المرأة أو ظلم الفقراء وذلك من خلال كتابه "المعذبون في الأرض " ثم انتقل بنا المؤلف إلي الباب الثاني من الكتاب والذي جاء تحت عنوان " الصهيونية وفلسطين عند طه حسين " بدأها بالفصل الثالث الذي جاء بعنوان "كتابة ولا قراءة" تناول فيه رأي النقاد والكتاب في كتابات طه حسين بل وصل الأمر إلي مهاجمته في حياته الشخصية التي امتدت إلي ابنه مؤنس وحفيدته التي تزوجت من رجل ياباني بعد وفاة جدها بخمسة وعشرين عاما والذي اعتبره البعض انه المسئول عنها. ويقول الكاتب حلمي النمنم قد تتوقف الخصومات والمعارك حول شخص بعد وفاته لكن الأمر اختلف بالنسبة لطه حسين الذي اشتدد الهجوم عليه واتسع وتم إحياء معارك كان قد مضي عليها قرابة نصف قرن علي وفاته .ويأتي الفصل الرابع الذي يضع فيه الكاتب حدا للهجوم القاسي علي عميد الأدب العربي من انه لم يكتب كلمة واحدة طوال حياته الأدبية عن فلسطين وقد فسر بعضهم بأنه كان معاديا لفلسطين والعروبة كارها لها . منحازا لأوربا والغرب عموما .. ويقول حلمي النمنم في سطور كتابه : أرشيف طه حسين يكذب هؤلاء وأولئك علي نحو قاطع ويلزمهم بتحمل كفارة يمين ومواجهة الأمانة العلمية التي انتهكوها ، ذلك أن طه حسين كتب كثيرا عن فلسطين واستشهد المؤلف بعدة مقالات لعميد الأدب العربي .. وتتوالي فصول الكتاب التي تتضمن الدفاع عن طه حسين بالإضافة إلي مجموعة من المقالات إلي نشرها عميد الأدب العربي عن فلسطين. إن كتاب طه حسين والصهيونية بمثابة شهادة تاريخية في حق الرجل بعين مجردة سجلت تاريخه من واقع أحداث ومواقف ومعارك حقيقية وقعت بينه وبين خصومه ولكن مؤلف الكاتب استطاع أن يشهد بالحق تجاه رجل لا أحد ينكر جهوده في حياتنا الثقافية والفكرية حتي يومنا الحالي .