لم تكن الصحفية الفرنسية فانيسيان جاكيه، المقيمة بالقاهرة والمراسلة حتي ايام قليلة لصحيفة لو سوار البلجيكبة، أول من يكشف عن الوجه القبيح لنفاق وازدواجية الإعلام الغربي، حينما عوقبت بالاستغناء عن خدماتها بعدما رفضت طلباً من إدارة تحرير الصحيفة المذكورة لكتابة تقرير تلقي فيه بالمسئولية علي شركة مصر للطيران في حادث الطائرة «MS804» التي سقطت في البحر الأبيض مؤخرا، وكان الملاحظ علي مدار الأسبوع الماضي قيام وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية تحديداً بتغطية يفوح منها رائحة قذرة لحادث الطائرة. تقرير مشبوه علي سبيل المثال نشرت صحيفة الاندبندنت البريطانية تقريرا يتناول كل الأسباب المحتملة لسقوط الطائرة وأغلبها آراء منسوبة لشخصيات سياسية وبعضها لخبراء أمن وطيران، ومع ذلك كان عنوان التقرير مشبوها بشكل عجيب وبلا أي داع مفهوم، حيث كان: «خناقة في كابينة القيادة هي السبب المرجح لسقوط الطائرة»، أما صحيفة نيويورك تايمز فتلمح إلي أن هناك اتجاها للبحث عن إمكانية زرع قنبلة في أحد المطارات مثل مطار القاهرة أو تونس، دون التطرق إلي إمكانية حدوث ذلك في مطار شارل ديجول بباريس، علماً بأنه مع سقوط الطائرة الروسية بعمل إرهابي فوق سيناء خريف العام الماضي، أجمعت الصحف الغربية بشكل غريب علي نسبة الطائرة المنكوبة «طائرة شرم الشيخ» إلي المطار الذي أقلعت منه.. أما CNN التي كانت تروج إلي أن جورج دبليو بوش كان يتنزل عليه وحي من السماء ليأمره بما يفعل وما لا يفعل، فذهبت كعادتها للحديث عن فرضية انتحار الطيار وهو نفس ما فعلته في حادث الطائرة المصرية التي سقطت قبالة السواحل الأمريكية عام 1999، قبل أن تعتذر رسمياً بعدما هدد والد الطيار بملاحقتها قضائياً. دون تحقيقات وهناك تقرير آخر لBBC يشير إلي أنه في حال وجود عمل إرهابي فهنا ينبغي التساؤل عن أداء مصر للطيران فيما يخص تأمين طائراتها، وأيضاً دون أن نفهم لماذا لا يوجد ولو تساؤل واحد عن إجراءات الأمن في مطار شارل ديجول، والغريب أن كل ذلك يتم دون تحقيقات أو تحليل للبيانات أو الاستماع لتسجيلات الصندوقين الأسودين. وللتأكد من أكذوبة الإعلام الغربي المحايد فإن «الأخبار» تقدم قصة أخري ترويها حصرياً فانيسا ديكورو وهي إحدي المراسلات المتخصصات في تغطية القضايا الدولية بإذاعة راديو صوت فرنسا التي عملت بالقاهرة عدة سنوات وذات يوم دار بينها وبين رئيسها في العمل الحوار التالي: -صباح الخير فانيسا -صباح الخير يا سيدي -أتمني أن تجهزي حقيبة سفرك لأن لديك مهمة في أوكرانيا.. زميلنا الذي يغطي المعارك هناك أصابه الملل ومن حقه الحصول علي راحة. -آسفة سيدي ولكني لن أذهب إلي هناك اندهش المدير من هذا الرفض المباشر، وطلب من الصحفية الشابة توضيح سبب هذا الرفض، فأجابته: - لست مستعدة لكي أرتدي وجه النفاق والازدواجية، ولن أذهب لأقول إن روسيا تتدخل في الشأن الداخلي الأوكراني، وإن في أوكرانيا ثوار يقاتلون الروس من أجل استقلال بلادهم، بينما فرنسا تحارب في دولة مالي وتتدخل في شؤونها من أجل مصالحها، وهو نفس ما تفعله روسيا التي تدافع أيضا عن مصالحها ضد القوي الغربية التي تحاول العبث في فنائها الخلفي.. آسفة سيدي لن أذهب.. وهنا أسقط في يد المدير فأنهي المحادثة بكلمات مقتضبة بعدما عجز عن إيجاد كلمات يُقنع به محدثته. فانيسا ديكورو قالت ل «لأخبار» إنها لم تندم علي موقفها الرافض لتغطية الحرب في أوكرانيا ولو لثانية واحدة، وأوضحت: « فلنتخيل أن نظاما شيوعيا معارضاً للمصالح الأمريكية تم انتخابه في المكسيك جارة الولاياتالمتحدة، لا أشك لحظة أن واشنطن ستهاجم المكسيك بالأسلحة النووية لو اقتضي الأمر». مجرم حرب الجدير بالذكر أنه في عام 2002 كانت الإدارة الأمريكية بقيادة مجرم الحرب جورج دبليو بوش وشريكه توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، تمهد لجريمة غزو العراق وسلب ثرواته، وكان عدد من وسائل الإعلام، علي رأسها CNN و BBC ونيويورك تايمز في أمريكا والجارديان والاندبندت في بريطانيا، قد أخذ يروج للأكاذيب الأمريكية الإنجليزية المشتركة عن امتلاك بغداد لأسلحة دمار شامل وهو ما اتضح فيما بعد أنه كذب اعترف به الأمريكيون والبريطانيون علي حد سواء ولكن ببرود يصل إلي حد الوقاحة ودون تقديم كلمة اعتذار واحدة، وبعد قتل مليون عراقي وتشريد 2 مليون آخرين فيما اعتبر جريمة القرن وأكذوبته الكبري. اليوم وبعد متابعة دقيقة لنفس وسائل الإعلام السابقة يمكن الخروج بانطباع أن هناك تحيزا غريبا في التغطية لسيناريوهات أسباب سقوط طائرة مصر للطيران MS804 بشكل ينم عن جهل مطبق بقواعد وآداب العمل المهني الاحترافي، أو أن هذه الوسائل الإعلامية تنشر وتبث وتذيع هذا التدليس والقلب للحقائق عمداً مع سبق الإصرار.