اندلعت أزمة جديدة بين إيران والسعودية حول تأدية فريضة الحج إلي مكةالمكرمة في سبتمبر المقبل، وذلك علي خلفية التوتر المتزايد بين القوتين الاقليميتين المتنافستين. اعلنت ايران مقاطعتها لشعيرة الحج لهذا العام، مبررة موقفها برفض السعودية تلبية شروطها بشأن مواطنيها، فيما يري خبراء سعوديون أن طهران تسعي إلي تشويه صورة الرياض أمام المجتمع الإيراني، مستغلة ملف هذه الشعيرة الدينية لتحقيق ذلك. وتدعي السلطات الإيرانية التي اتهمت الرياض بوضع «القيود والعراقيل» أن الإيرانيين لا يمكنهم اداء فريضة الحج هذا العام بسبب عدم التوصل إلي اتفاق مع السعودية بعد عام علي التدافع الذي أودي بآلاف الحجاج. وسارعت السعودية إلي الرد وأكدت في بيان صدر عن وزارة الحج أن «وفد شؤون الحج الإيراني رفض التوقيع علي محضر الاتفاق لإنهاء ترتيبات حج هذا العام معللا ذلك برغبته في عرضه علي مرجعيتهم في إيران» رغم انه لا يختلف عن العقود الأخري الموقعة مع بقية الدول الإسلامية، حيث يشتمل العقد علي عدد الحجاج والسكن والتنقلات والإعاشة والاستقبال والتفويج والتوعية وتدريب الحجاج قبل قدومهم للمملكة والمسار الالكتروني لتقديم التأشيرات وما هي الأمور التي يجب أن تتولاها الوزارة ومكتب شؤون الحجاج ومؤسسات الطوافة. وتابع بيان وزارة الحج أن الوفد الايراني أبدي «إصرارا شديدا علي منح التأشيرات لحجاجهم من داخل إيران». وأشار إلي أن المطالب تضمنت «السماح لهم بإقامة مسيرات لاعلان البراءة من الشرك، وهذه التجمعات تعيق حركة بقية الحجيج من دول العالم الإسلامي». وبالنسبة للعمرة، أكدت الوزارة أن المملكة «لم تمنع مطلقا المعتمرين الإيرانيين» متهمة طهران «باتخاذ ذلك الكثير من وسائل الضغط المتعددة علي حكومة السعودية». موقف الرياض كان واضحاً منذ البداية، فقد أعلنت أن التأشيرات الخاصة بالحجاج الإيرانيين يمكن الحصول عليها عن طريق طرف ثالث لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين، وهذا الأمر متعارف عليه دولياً. لكن ايران تسعي لتشويه صورة السعودية أمام المجتمع الايراني واستغلال شعيرة الحج لتحقيق ذلك. فجميع أعضاء الوفد الايراني سبق لهم حضور اجتماعات مماثلة خلال السنوات الماضية، ولديهم دراية بماهية الاتفاقيات التي تحرص من خلالها السعودية علي تأمين سلامة الحجاج وضمان توفر الأجواء الإيمانية لضيوف الرحمن ومنع أي تصرفات تعيق تحركات الحشود في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة وسبق لهم التوقيع علي بنود الاتفاقيات نفسها خلال المواسم الماضية التي تمنع مثل تلك الطقوس. وتشير المعلومات إلي أن الحجاج الإيرانيين هم الوحيدون غير الملتزمين بالاتفاقيات حتي لو تم التوقيع عليها، وغالبا ما تبلغ الوزارة في كل حج بالمخالفات التي يرتكبها أفراد البعثات الايرانية. وكانت الرياض قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران في 3 يناير الماضي، بعد يوم من قيام محتجين ايرانيين باقتحام واضرام النار في السفارة السعودية بطهران وقنصليتها في مشهد للتعبير عن غضبهم من اعدام السعودية رجل الدين السعودي الشيعي نمر النمر. وبعد الهجوم الذي ادانته طهران قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع ايران وكذلك كل العلاقات التجارية والاقتصادية ومنعت الرحلات الجوية بين البلدين. ومن المعروف ان السعودية وايران تساندان اطرافا متحاربة مع بعضها في كل من سوريا واليمن، كما يتهم السعوديون الإيرانيين بالتدخل في الشؤون اليمنية. والخلاف بينهما يطال أيضا مواقفهما حيال العراق والبحرين ولبنان. ومنذ الثورة الإسلامية الإيرانية في 1979، تشهد العلاقات بينهما تقلبات حادة. وكان البلدان قد قطعا العلاقات بينهما من 1987 إلي 1991، بسبب مواجهات دامية بين الحجاج الإيرانيين والقوات السعودية خلال موسم حج عام 1987 أسفرت عن سقوط أكثر من 400 قتيل معظمهم من الإيرانيين. مروي حسن حسين