شهدت السنوات الماضية ارتفاعا متتاليا في تكلفة الدين العام بالاضافة الي تراكمها عبر السنوات، الي حد جعلها تستحوذ علي ربع الايرادات الحكومية سنويا، وهو ما دفع الحكومة ومعها البنك المركزي الي البحث عن سبل مختلفة للحد من ارتفاع تكلفة الدين العام فكان اصدار سندات حكومية بالدولار قبل عام تقريبا، ثم جاء قرار البنك المركزي بخفض نسبة الاحتياطي الالزامي لدي البنوك من 14٪ الي 10٪ لاتاحة مزيد من السيولة للبنوك وتشجيعها علي خفض تكلفة اقراض الحكومة، وبالرغم من ذلك استمر الارتفاع في أسعار الفائدة علي أذون الخزانة حتي بلغ 16٪ وسط تحفظ من الخبراء علي اقتراض الحكومة من البنوك لانها تزاحم القطاع الخاص، وفي خطوة مفاجئة طرحت الحكومة ولأول مرة أذون خزانة باليورو..كيف ينظر اساتذة الاقتصاد وخبراء البنوك للفكرة وهل يمكن أن تمثل هذه الأذون مزاحمة للقطاع الخاص علي موارد التمويل بالنقد الأجنبي؟ أساتذة الاقتصاد تقلقهم كيفية استخدام الاموال وفكرة التوسع في الاقتراض بالنقد الاجنبي ومن انصار هذا الاتجاه د. سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الاسبق الذي يقول: نحن نتجه للاقتراض فهناك قرض صندوق النقد والذي أري أنه مهم باعتباره مؤشرا علي الثقة في الاقتصاد المصري، ورغم أن وضع المديونية الخارجية لا يزال في الحدود الأمنة الا أننا يجب أن نحذر من التوسع فيها، والاهم من الحصول علي قروض بالنقد الاجنبي سواء من السوق المحلي او من الخارج هو هو ان توجه اموال هذه القروض لمشروعات انتاجية توفر موارد بالنقد الأجنبي خاصة الانشطة التصديرية. اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الاسبق ورئيس بنك مصر ايران يري أن طرح أذون باليورو مماثل لفكرة طرح سندات بالدولار . ويقول هذه الطريقة تمتص السيولة الزائدة لدي البنوك باليورو وتتيح للبنوك تشغيل بعائد أفضل من العائد المتاح في الأسواق، وفي الوقت ذاته توفر فان سعر الفائدة المدفوع من الحكومة سيكون أقل منه في حالة الاقتراض بالجنيه، كما أنه سيوفر للدولة نقد أجنبي لسداد بعض الالتزامات العاجلة الي حين اصلاح الأوضاع وتوفير موارد للسداد بالنقد الأجنبي. منير الزاهد رئيس بنك القاهرة يصف اقتراض الحكومة من السوق المحلي باليورو من خلال أذون الخزانة بأنه خطوة جيدة، ولكنها تحتاج لاستكمالها، لأن مساهمتها في سد فجوة العجز في الموازنة لن تكون كبيرة، ويقول أهم مزايا هذا التوجه هو انخفاض تكلفته مقارنة بالاقتراض بالعملة المحلية، ولكن التوسع فيه سيكون محدودا لان حجم الودائع باليورو لدي الجهاز المصرفي ليس ضخما، فالغالبية العظمي من ودائع النقد الأجنبي لدي البنوك تكون بالدولار، ويؤكد الزاهد أن اقتراض الحكومة باليورو لن يؤثر علي القطاع الخاص، بسبب ضعف طلب القطاع الخاص علي الاقتراض بالنقد الأجنبي. الرأي ذاته يؤكده محمد أوزالب الرئيس التنفيذي لبنك بلوم - مصر، ويقول لا شك أن الاقتراض من السوق المحلي بهذه الصورة أقل كلفة من طرح أذون أو سندات في الأسواق الدولية، ويري أوزالب أن هذا الطرح له جوانب إيجابية أخري، تتمثل في إقبال المستثمرين الأجانب علي الاكتتاب في هذه الأذون و يقول هذا الإقبال يعتبر مؤشر الثقة العالم الخارجي في أداء الاقتصاد المصري، وهذا في حد ذاته يمثل دعاية تجذب الاستثمارات الاجنبي.