د. محمد عبد القادر حاتم في منتصف شهر سبتمبر 3791 طلبني وزير الإعلام د.عبدالقادر حاتم ليخبرني انه استطاع إقناع اديبنا الكبير أنيس منصور أن يسجل معي عدة حلقات لبرنامجي »النادي الدولي« حول »بروتوكولات حكماء صهيون« وطلب مني الاتصال بالأستاذ أنيس وحجز الاستديو لتسجيل هذه الحلقات. وطرت فرحاً طبعاً.. فوجود الأستاذ أنيس نفسه في البرنامج مكسب كبير بغض النظر عن قيمة أحاديثه الذهبية اضافة جديدة لخبطات البرنامج الذي أصبح حديث الناس في مصر والعالم العربي ويحظي بأعلي نسبة مشاهدة!. وفعلاً تم تسجيل 8 حلقات في غاية الأهمية وتفضح نوايا العقلية الصهيونية التي تسعي للسيطرة علي العالم بعد أن تم لها الاستيلاء علي الشعب الامريكي بأكمله من خلال السيطرة علي الاقتصاد والاعلام والكونجرس الأمريكي!!. واقترب شهر رمضان واستطاع العبقري المخرج محمد علوان أن يقنع عبدالحليم حافظ بالقيام بالتمثيل والغناء في مسلسل اذاعة الشرق الأوسط الرمضاني الذي كتبه الكاتب الصحفي الأستاذ محمود عوض »أرجوك.. لا تفهمني بسرعة« ليذاع بعد الافطار مباشرة وتم اختيار بقية أبطال المسلسل نجلاءفتحي ماجدة الخطيب عادل امام وأنا..!! وبدأ عبدالحليم يسجل أغاني المسلسل وقمنا بتسجيل عشر حلقات وبدأت إذاعة الحلقات وحققت نجاحاً كبيراً مثل كل خبطات المخرج محمد علوان في الدراما الرمضانية الاذاعية »محمد عبدالوهاب في شيء من العذاب عمر الشريف في أنف و3 عيون والحب الضائع نزار قباني ونجاة في القيثارة الحزينة«. وفي مساء يوم الجمعة 9 رمضان طلبني د.حاتم فذهبت إلي مكتبه وقابلني بالترحاب كعادته ثم طلب مني أن أبدأ في إذاعة حلقات الأستاذ أنيس منصور المسجلة وأن يكتفي البرنامج في حلقة هذا الاسبوع بفقرة الأستاذ أنيس فقط ولم أناقشه ونزلت من مكتب الوزير إلي المونتاج لأعيد ترتيب الحلقة بناء علي تعليمات الوزير والتي ستكون مقصورة علي حديث الأستاذ أنيس لمدة 06 دقيقة وفي اليوم التالي.. العاشر من رمضان 6 أكتوبر 3791 كنا في ستديو 73 بالاذاعة عبدالحليم ونجلاء وماجدة الخطيب وأنا.. استعداداً لتسجيل عدة حلقات جديدة من المسلسل الاذاعي علي أن نفطر جميعاً في الاستديو ونواصل التسجيل بعد الافطار وفجأة دخل علينا مهندس الصوت الأستاذ زكريا عامر وهو يكاد يرقص فرحاً في مكانه وصرخ قائلاً: يا جماعة.. الجيش المصري عبر قناة السويس دلوقتي! ولم نصدقه ولكنه أكد كلامه!! وخرجنا جميعاً من الاستديو وتوجه عبدالحليم ونجلاء وأنا إلي مكتب بابا شارو الذي كان يراجع البيانات العسكرية أمامه وأكد لنا الخبر.. وأسرع حليم إلي التليفون وقام بالاتصال بالشاعر محمد حمزه وطلب منه كتابة أغنية تتناسب مع الحدث العظيم والحضور فوراً إلي مبني الاذاعة والتليفزيون واتصل أيضاً بالأستاذ أحمد فؤاد حسن رئيس الفرقة الماسية وطلب حضور الفرقة الفوري الي ستديو 64 بالإذاعة!. وتوقفت جميع البرامج الإذاعية والتليفزيونية واقتصر الارسال علي البيانات والأناشيد والمارشات العسكرية وجاءت تعليمات السيد الوزير د.حاتم واضحة »يذاع برنامج النادي الدولي وحلقات الأستاذ أنيس منصور.. وأي أغاني جديدة مناسبة يتم تسجيلها يقوم الأستاذ سمير صبري بالاشراف علي تصويرها ووضعها في برنامجه!! وفعلاً تم هذا وشهدت تلك الفترة ابداعات رائعة لصلاح جاهين الأبنودي محمد حمزه عبدالرحيم منصور بليغ حمدي محمد الموجي وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وكانت الأغنية تسجل في ستديو 64 وبعدها مباشرة ينزل المطرب أو المطربة إلي استديو »1« بالتليفزيون حيث صممنا ديكور عبارة عن خلفية سوداء وأمامه شاشة تعرض بعض لقطات أرشيفية من العبور العظيم ويقف أمامها الفنان يغني الأغنية وأحياناً كنا نكتب كلمات الأغنية بالخط الكبير حتي يراها الفنان وهو يؤديها أمام الكاميرا.. لأنه مش حافظ الكلام اللي اتكتب علي الهواء وكل هذه الأغاني الرائعة ظهرت في برنامجي »النادي الدولي« الوحيد الذي كان يذاع في تلك الفترة وعبرت هذه الألحان عن إحساسنا بالنصر العظيم.. »خلي السلاح صاحي يا حبيبتي يا مصر أم البطل ما تقولش ايه اديتنا مصر علي الربابة مصر هي أمي« طبعاً توقف تسجيل المسلسل وكملناه بعد كده بكام شهر ولما اذيع كان قد فقد بريق الاذاعة في رمضان!! ودائماً كلما اتذكر العاشر من رمضان اتذكر ما أحدثه هذا الحديث العظيم في الانسان المصري في ذلك الوقت.. حيث شعرنا جميعاً بالانتماء للبلد وتم خلق جو من الحب والألفة بين جميع أفراد الشعب وعادت لنا الثقة بالنفس التي كنا قد فقدناها أعقاب هزيمة 5 يونيو 76!! وعادت الابتسامة إلي وجوه الناس وعاد تحمل الآخر والايمان الشديد أننا كلنا في سفينة واحدة تحمل اسم مصر ومطلوب منا جميعاً توصيلها إلي بر الأمان.. وفي ذكري هذا اليوم العظيم أدعو الله أن يعود إلينا نفس الاحساس الجميل الذي شعرنا به جميعاً في 37!! أتمني أيضاً أن يتطهر الفن من عفن الفساد الذي انتشر في الفن كما تفشي في النظام! ياتري صعب أننا نرجع نحب مصر؟ نحب مصر أولاً.. قبل مصالحنا وقبل مطالبنا الشخصية؟ يا تري صعب أن تكون مصلحة مصر لها الأولوية وأهم من مصلحتي الشخصي؟ أتمني أن تكون أجندة حياتنا في الأيام المقبلة.. تحمل 3 كلمات فقط.. 3 كلمات كانوا شعار ثورة يوليه 2591 الاتحاد والنظام والعمل.. هل ده صعب؟ أم كلثوم في رائعتها فات الميعاد قالت »عاوزنا نرجع زي زمان.. قول للزمان ارجع يا زمان« وأنا عاوز أصرخ بأعلي صوتي وأبوس ايد ورجل ورأس الزمان علشان يرجع تاني.. علشان يرجعلي الحب والأمان والاتحاد والنظام والانتماء للبلد الجميل اللي أهله مش عارفين قيمته!.