في المرتين اللتين التقي فيهما الرئيس عبدالفتاح السيسي مع رئيس وزراء اثيوبيا «ديسالين» كانت دائما تلوح في الافق مؤشرات بحدوث انفراجة في أزمة سد النهضة. هذه المرة وفي اللقاء الاخير الذي تم وعلي هامش مؤتمر القمة الأفريقية أعتقد ان الحديث كان أكثر صراحة ووضوحا. من المؤكد ان ما دار قد تخطي ما جاء في اعلان المبادئ الذي توصل اليه الاجتماع الثلاثي الذي ضم معهما الرئيس عمر البشير رئيس دولة السودان الشقيق. في هذا اللقاء أوضح الرئيس السيسي ان مصر لا يمكن ان تقف عقبة أمام التنمية في اثيوبيا. أكد ان كل ما تسعي اليه مصر دولة مصب نهر النيل.. هو ضمان حقوقها التاريخية في مياه هذا النهر الخالد باعتبارها مسألة حياة أو موت بالنسبة لها. كما هو معروف فإن اعتماد مصر علي هذه المياه يعود إلي أنها ليست من الدول الممطرة مثل أثيوبيا والسودان اللتين يعد استقبالهما لموجات الأمطار الغزيرة بديلا آمنا لنهر النيل.. انه وفي مقابل عدم اعتراض مصر علي أي مشروعات علي النيل في دول المنبع بهدف توفير متطلبات التنمية. فإنه في نفس الوقت لابد لمصر دولة المصب من ضمانات لتحقيق أمنها المائي دون أي معوقات. في هذا الإطار فإن حرص مصر دولة المصب لنهر النيل في مباحثاتها مع اثيوبيا والسودان إنما يستهدف الاطمئنان إلي عدم المساس بهذا الأمن المائي. هذا المطلب هو محور اللجوء إلي مكاتب الخبرة الدولية لإعداد دراسة حول سد النهضة تضع في اعتبارها تحقيق مصالح الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان. ووفقا لما تم تداوله اعلاميا فإن رئيس وزراء اثيوبيا ديسالين تجاوب مع كل ما عرضه الرئيس السيسي مؤكدا علي كل ما يؤدي إلي الشعور بالاطمئنان تجاه بناء سد النهضة علي أساس عدم إلحاق أي أضرار بالصالح المصري. كم أرجو ان تتواصل الجهود والمشاورات بين الدول الثلاث لتحقيق هذا التوجه علي أرض الواقع. تفعيل هذا الهدف بأمانة وإخلاص من جانب الدول الثلاث سوف تكون محصلته أمنها واستقرارها وازدهارها. في هذا الشأن يبرز أهمية أن يكون لهذه الأزمة وما يبذل حولها من جهود تتسم بالشفافية.. التوصل إلي منظومة للتعاون في كل المجالات لصالح تنمية دول حوض النيل. بما يجعلنا نقول «رب ضارة نافعة». لاجدال ان التوصل إلي هذا الهدف من الفكر والإدراك لأبعاد هذه القضية يعد أمرا في غاية الأهمية خاصة بالنسبة للدولة المصرية. في هذا الشأن فإنه يتحتم علي الأطراف المعنية تقدير خطورة السماح بأي تدخلات خارجية تجعل من منطقة دول حوض النيل مسرحا للصراعات بدلا من ان تكون واحة سلام وتنمية. ان البعد التاريخي لعلاقات الاخوة التي ظلت سائدة بين دول هذا الحوض لآلاف السنين يفرض عليها المزيد من الحرص من أجل الحفاظ عليها والعمل يدا واحدة من أجل المصالح المشتركة لشعوبها.