منذ إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وحلف الرئيس لليمين ، سادت حالة من التفاؤل بين اوساط المستثمرين انعكست بوضوح في أداء البورصة، وتأكيد عدد من الدول الاوروبية والعربية عن عزمها الاستثمار في مصر، وهو ما اعتبره كثير من المحللين مؤشرا لانتعاش الاستثمار في المرحلة القادمة.. ولكن هل الجهاز المصرفي مستعد للتجاوب مع هذا الانتعاش؟ طارق عامر رئيس اتحاد البنوك ورئيس البنك الاهلي، يؤكد أن الجهاز المصرفي يقف علي أرض صلبة بعد برنامج الاصلاح الشامل الذي بدأ تنفيذه منذ 2004 وهو علي استعداد لتلبية طلبات التمويل الجادة، و لا يعاني نقصا في السيولة، فالبنوك لديها الموارد المالية التي تمكنها من الاستجابة لمطالب التمويل سواء الحكومي أو القطاع الخاص، و يري عامر أن قيام البنوك بتمويل عجز الموازنة من خلال السندات الحكومية وأذون الخزانة لا يمثل عائقا أمام القيام بدورها في تمويل القطاع الخاص، مشيرا إلي أن الأوراق الحكومية تعتبر أحد صور الاحتفاظ بالسيولة لأنه من السهل تسييلها عند الحاجة إليها. حاتم صادق رئيس مجلس إدارة بنك عودة يؤكد استعداد البنوك لتمويل المرحلة القادمة، و يقول ما نرجوه هو أن تعود مؤشرات الأداء الاقتصادي لما كانت عليه، لنعود للعمل في كل القطاعات، لأننا في الظروف الحالية نركز علي القطاعات الأقل تأثرا، وذلك بحكم حرصنا علي أموال المودعين، وإن كان ذلك لا يمنعنا من تقديم التمويل لأي مشروع جاد تثبت جدارته، فنحن لم نتوقف قط عن التمويل والدليل ان المحفظة الائتمانية تنمو باستمرار، ولكننا نتطلع للعودة الي معدلات نمو اكبر تصل الي 40٪ كما كان الحال قبل الثورة وليس 11٪ كما هو الحال الآن، و يري حاتم صادق أن استعادة مؤشرات الاداء الاقتصادي لوضعها قبل الثورة، يكون بداية بتحقق الاستقرار السياسي وعودة الأمن .. لأن ذلك سيعيد الحيوية لقطاعات مهمة كالسياحة وغيرها، ويؤكد أن البنوك لا تعاني من نقص في السيولة لأن الزيادة التي وجهت إلي أذون الخزانة تم تعويضها بخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 14٪ إلي 10٪ - وهو نسبة من الودائع تلتزم البنوك بايداعها لدي البنك المركزي - و حول التعديلات القانونية يري أن الوضع الحالي لا يحتاج لتعديلات تشريعية، خاصة أن البنك المركزي يحرص علي عقد اجتماعات منتظمة مع رؤساء البنوك لتبادل وجهات النظر و يتم الأخذ بها في تعليمات البنك المركزي، أما بالنسبة للصكوك فيقول لو وجد طلب ذو طبيعة خاصة يفضل التعامل بالصكوك فلا مانع من إصدار ما تستلزمه من تشريعات، المهم هو التأكد من وجود إقبال عليها، وهو أمر في حد ذاته مرهون بالأداء الاقتصادي للدولة. وتقول بسنت فهمي الخبيرة المصرفية أن ردود الأفعال العالمية قبل المحلية تؤكد وجود إقبال كبير علي الاستثمار في مصر خاصة ان مجموعة دول العشرين في لقائها الاخير أقرت بأن الاقتصاد الاوروبي والامريكي يتجه للانكماش، و أن الدول الناشئة ستكون هي صاحبة النمو الاقتصادي الاكبر، هذه الدول هي الصين والهند والبرازيل والشرق الأوسط... و غيرها، وبالنسبة للشرق الأوسط تعتبر مصر وتركية اكثر بلدين جاذبين للاستثمار في المنطقة، خاصة بعد استقرار الاوضاع في مصر، وبالتالي فان انظار المستثمرين في العالم تتجه لنا، وهو ما أكده اعضاء مجلس ادارة المجلس المصري الاوروبي في اجتماعهم الاخير، وهو ما ظهر ايضا في موقف البنك الاسلامي للتنمية، و اعلان امريكا عن استعدادها لضخ استثمار ضخم في مجال البتروكيماويات كل ذلك يدفعنا للتفاؤل بمستقبل التنمية في مصر وحتي تتحقق الاستفادة من هذه الفرص، نحتاج لجهاز مصرفي قوي، ذلك يتطلب رفع رؤوس أموال البنوك، وتغيير أسلوب السياسة النقدية بفتح السوق أمام بنوك عالمية قوية. حسام الدين ناصر الخبير المصرفي، و مستشار وزارة التخطيط والتعاون الدولي سابقا يقول إن الجهاز المصرفي المصري في الوقت الحالي قد لا يكون مستعدا لتمويل مشروعات الدولة الضخمة تحت وطأة انخفاض السيولة الملحوظ والذي نتج عن استثمار ما لدي البنوك من سيولة في أدوات دين ذات طبيعة خاصة (أذون خزانه) للمساهمة في تمويل عجز الموازنة المتفاقم.