د.بهاء الدىن أبوشقة - د . فوزية عبد الستار - المستشار مصطفى الكومى مجموعة من الجرائم التي شهدتها مصر خلال الأيام القليلة الماضية أثارت حالة من الهلع والرعب في نفوس الملايين. أصابع الاتهام اشارت إلي ان مرتكبي هذه الحوادث ينتمون إلي الجماعات المتطرفة أو مجموعة من البلطجية. وحتي تكشف التحقيقات اللثام عن انتماءات وأفكار الجناة فاننا أمام حالة عنف غير مسبوق تعصف بالمجتمع المصري. رجال القانون والنشطاء في مجال المجتمع المدني يحيبون من خلال هذا التحقيق علي السؤال اللغز هل نحن أمام ظاهرة تعبر عن أفكار تيار معين أم اننا أمام حوادث فردية، وما هي السبل للتعامل مع هذا الداء الذي ضرب المجتمع المصري. يقول د.بهاء الدين أبوشقة المحامي ونائب رئيس حزب الوفد: إذا كنا نريد ان نعلي من شأن الدولة ونظامها القائم علي الديمقراطية في ظل وجود رئيس منتخب وقوانين فينبغي عليها تفعيل هذه القوانين وإعلاء سيادة الدولة عن طريق قوانينها وإعلانها الدستوري لحين صياغة الدستور الجديد، ودون اتخاذ أية إجراءات استثنائية وفي إطار الشرعية الممنوحة للسلطة التنفيذية للقضاء علي من نصبوا أنفسهم حماة حمي الدين وهو منهم براء، وبما يكفل إعلاء سيادة القانون التي هي من أهم أهداف ثورة 52 يناير. واضاف أبوشقة أنه يوجد عدة مبادئ دستورية تحمي الحرية الشخصية وتجعلها مصونة لا يجوز المساس بها في إطار الحريات العامة، كما ان الحقوق والواجبات وحرية العقيدة مكفولة للجميع وحق المواطنة كذلك فالجميع متساوون أمام القانون. وأوضح اننا اليوم أمام ديمقراطية وسيادة قانون وهذا يستدعي احترام الرأي والرأي الآخر من نختلف معه بالرأي ليس بالضرورة ان اخضعه لرأيي، وكل من يخرج للاعتداء علي حرمة الحياة الخاصة أو العقيدة فهذه مسائل تنظمها قوانين ومنها قانون البلطجة الخاضع لقانون العقوبات والتي تسن عقوبات مغلظة لمن يخرج عن ذلك وتشدد العقوبة في حالة التكرار. وأشار إلي أننا دولة قوانين تحميها نصوص دستورية وقانونية كفلت حرية الرأي والعقيدة وينظم التعامل مع مرتكبي الجرائم، مشددا علي ضرورة اقتران تحقيق العدالة بتطبيق القوانين والقوة مجتمعين مع بعضهم لأن عدالة من دون قوانين وقوة تضمن تنفيذها لا تستقيم فيهم أي دولة أو كيان. من جهتها تشير د.فوزية عبدالستار أستاذ القانون الجنائي أن سيادة القانون في مثل هذه الجرائم تطلب من السلطات التنفيذية تطبيق القانون والبحث عن مرتكبيها وتقديمهم للعدالة.. أما ان تنصب جهة أو فصيل آخر نفسه مكان أحد سلطات الدولة متسترا خلق قناع ديني أو اجتماعي أو أخلاقي فهذا حق أريد به باطل، ومن دون تطبيق القوانين بشدة وحزم فانها ستظل حبرا علي ورق. وأوضحت انه لا توجد قيمة دينية أو أخلاقية تؤدي أو تسمح لقتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق، ونادت بمواجهة هذه الانحرافات من جميع أفراد الشعب، حتي لا تتفشي في الشارع لنشر الرعب والذعر، لأنه ينبغي علي أفراد الشعب من خلال قوتهم ان يبثوا هم الرعب في نفوس هذه القلة المنحرفة من خلال قوتهم وتكاتفهم في ردعهم. فيما أبدي الدكتور محمد صلاح المستشار في مجلس الدولة والخبير في مجال القانون الجنائي الدولي، تعجبه ممن ينصبون أنفسهم كسلطة تنفيذية وقضائية ويطلقون أحكامهم تبعا لأهوائهم الشخصية، غير انه دعا لعدم استباق الأحداث لتفسير ما يحدث علي اننا أمام حالة صعود تيار إسلامي لتنفيذ ما يسمي بدولة الخلافة، خصوصا واننا مازلنا أمام فاعل مجهول، لذلك طالب بضرورة تحريك دعاوي قضائية ضد أي جريمة جنائية تحدث في الشارع. يقول المستشار مصطفي الكومي رئيس محكمة جنايات القاهرة انه بالرغم من خطورة هذه الجرائم إلا انها لم تصل بعد إلي حد الظاهرة لنواجهها بإجراء عام فهي حتي الآن لا تعدو كونها جرائم متفرقة وقد يكون الرابط بينهما وهميا من صنع الشائعات أو ناتج المخاوف الكامنة لدي المواطنين من الحكم علي أساس ديني أو تحويل مصر إلي دولة غير مدنية.. ويوضح أنه من واقع خبرته في المجال الجنائي فانه قد تسفر التحقيقات عن أسباب أخري وراء الجريمة مثلما حدث في جريمة قتل الشقيقين إذ تبين ان هناك خلافا سابقا بينهما وهناك محضر محرر بتاريخ قديم ضد المجني عليهما. ويستكمل الكومي انه في جميع الأحوال لا يمكن ان ننكر ان مجرد ترويع المواطنين وبث الرعب في نفوسهم من خلال التعرض لهم في الطريق يعد جريمة يعاقب عليها بالحبس وتتضاعف العقوبة مع تصاعد الفعل الاجرامي سواء اقترن بالسب أو التعدي أو الضرب أو الاتلاف أو القتل حيث تصل العقوبة إلي الإعدام شنقا. إجراءات وقائية ويوضح الكومي انه يجب تحقيق الردع العام والخاص للقضاء علي هذا النوع من الجرائم وذلك من خلال اجراءين الأول وقائي سابق علي حدوث الجريمة ويتمثل في توعية المواطنين بحقوقهم وبأن حق الاستيقاف لا يكون إلا لمأمور الضبط القضائي وبشروط أولها ان يكون لديه إذن من النيابة ان يكون الشخص ضبط متلبسا أو وضع نفسه في دائرة الاشتباه والريب، كذلك لابد ان يراعي المواطن ألا يضع نفسه في مجال يعرضه للخطر كالتواجد في الأماكن النائية في ساعة متأخرة من الليل.. ثانيا لابد من عودة هيبة رجل الأمن لان المجرم يرتع في الارض فسادا إذا شعر بعدم تواجد الشرطة وبغياب القانون ثم تأتي بعد ذلك الإجراءات اللاحقة علي حدوث الجريمة من متابعة المجرمين وإلقاء القبض عليهم وعلي الخلايا التابعين لها وتسليمهم للقضاء. ويشير الكومي انه في حالة تعرض أي مواطن لمثل هذه الاعتراضات فانه لابد ان يستنجد بالمارة ويمسك المتهم بمساعدتهم ويتوجه به إلي أقرب قسم شرطة أما في حالة افلاته وهروبه فعليه ان يتوجه أيضا إلي قسم الشرطة لتحرير المحضر والادلاء بأوصاف المتهم حتي يسهل إلقاء القبض عليه في حالة تكراره الفعل مع غيره. العقوبة ويؤيد المستشار محمود القاضي رئيس محكمة أمن الدولة العليا طوارئ قنا ما سبق مضيفا ان التكييف القانوني لهذه النوعية من الجرائم هو القتل مع سبق الاصرار والترصد والذي تصل عقوبته إلي الإعدام وفقا للمواد 032 و132 و232 من قانون العقوبات لا يمكن معاقبة المتهم وفقا لقانون البلطجة كذلك لا يمكن اعتبار الجريمة ضربا افضي إلي الموت حيث ان المتهم يعُتبر ساعيا للجريمة ولديه النية متوفرة انه في حالة عدم استجابة الضحية لأوامره وعدم خضوعها لوصاياه ان يستخدم السلاح الموجود بحوزته وبالتالي فهو متوقع لنفسه استخدامه وارتكاب الفعل، كذلك فان القانون لم يحدد فترة زمنية محددة لتوافر عنصر سبق الاصرار والترصد فمن الممكن ان يتولد في خمس دقائق ومن ثم تعتبر الجريمة قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد. حق دستوري ويوضح القاضي ان اعتراض الطريق نفسه يعتبر جريمة لانه يجور بذلك علي حق المواطن في حرية التنقل التي كفلها له الدستور ويعاقب القانون علي ذلك بالحبس بدءا من يوم وحتي 3 سنوات حسب وصف قيد الواقعة وما إذا تطرقت إلي سب وقذف أو ازدراء أديان أو ضرب حيث يؤخذ بالعقوبة الأشد فيهم كذلك إذا استخدم أداة في الضرب من عدمه وحسب جسامة الضرب وهل اعجز الضحية عن أعماله لمدة تزيد عن 12 يوما أولا. تطرف ويعتبر د.محمد منيب المحامي بالنقض ورئيس المركز الافريقي للديمقراطية ودراسات حقوق الإنسان ان هذه النوعية من الجرائم تعد بداية ظهور مجموعات متطرفة غريبة عن النسيج السياسي والاجتماعي المصري والمرتبطة بعقائد دينية وهابية النزعة وبالتالي فنحن امام محاولة لاستغلال وضع جديد في مصر متمثل في وصول التيار الإسلامي للرئاسة وهذا الاستغلال يستهدف التدخل لتغيير نسق الثقافة الاجتماعية العامة في مصر والمعروفة بوسطيتها دائما وبما ان هذه الجماعات تستخدم القوة في اجبار المواطنين علي الامتثال لها فان الدولة هي الوحيدة المنوط بها وقف هذه الجرائم بل يمكن اعتبارها واحدة من التحديات التي تواجه الرئيس في مستهل فترة رئاسته والتي لا يجب السماح لها بالانتشار. ويري منيب انه لمواجهة هذه الظاهرة لابد من القبض علي من قام بهذه الجريمة وتقديمهم لمحاكمة استثنائية عاجلة ثم متابعة كل المجموعات التي تتبع نفس المنهج وضرورة اعادة النظر في الاحزاب التي تقوم علي اساس ديني كما انه علي القوي السياسية اتخاذ موقف واضح من كل هذه المحاولات كذلك لمؤسسة الأزهر الشريف دور في اعلان موقف الإسلام من هذه الأفعال باعتبار الأزهر هو المرجعية الدينية الرئيسية والوحيدة في مصر ولا يجوز لاحد ان يسمح لنفسه بالافتاء والتدخل في شئون المواطنين من خارج هذه المؤسسة العظيمة، وأخيرا يأتي دور منظمات المجتمع المدني في المطالبة بتصعيد المواجهة الإعلامية والشعبية لتوعية المواطنين للوقوف وقفة شعبية ضد هذه الممارسات، كذلك علي هذه المؤسسات تسليط الضوء علي كل الحالات التي ترصدها أو تتقدم لها بشكاوي من خلال اصدار التقارير الدورية والتقدم ببلاغات للنيابة العامة لتولي التحقيق وعلي الشرطة ان تخرج من حالة الكمون الأمنية والقضاء علي هذه المجموعات في مدي زمني محدود جدا.