تجدد الجدل حول ملف اﻷموال المهربة من الرئيس اﻷسبق حسني مبارك ورموز نظامه الي سويسرا مع زيارة النائب العام السويسري خلال اليومين الماضيين الي القاهرة واجرائه لقاءات مع النائب العام نبيل صادق والمسئولين المصريين بشأن جهود اعادة تلك اﻷموال. أهمية زيارة النائب العام السويسري جاءت ﻷنها تأتي بعد أسبوعين من الحكم بالسجن علي مبارك ونجليه في قضية القصور الرئاسية، علي الرغم من أن الزيارة كانت معدة مسبقا ولم تكن خصيصا لمناقشة الحكم والذي يعتبر أول حكم نهائي ضد مبارك ما فتح الباب أمام تكثيف جهود اعادة اﻷموال المهربة التي طالبت سويسرا طوال الأعوام الماضية بصدور أحكام نهائية ﻻعادتها، إﻻ ان الخطوة التالية التي كشف عنها لوبير كانت اثبات العلاقة المباشرة بين اﻷموال التي صدرت بشأنها الاحكام القضائية ضد مبارك واﻷرصدة المجمدة في البنوك السويسرية التي تخص 14 شخصا منهم مبارك ورموز نظامه، وهي المهمة التي تعتبر صعبة للغاية سواء للسلطات القضائية المصرية او السويسرية بحسب تصريحات لوبير، إﻻ ان تلك المعايير تتمسك بها سويسرا باعتبارها الاجراءات الطبيعية التي تتبعها حكومة بيرن في كافة ملفات أموال القادة الفاسدين.. حيث تمتلك سويسرا سجلا حافلا بتجميد اموال الفاسدين بالعالم خلال العقود الماضية، حيث أعادت علي مدار السنوات العشرين الماضية حوالي 1،8 مليار دولار إلي دُول تعرضت للنهب من جانب حكامها، وتوضح اﻷرقام الرسمية لدي وزارة الخارجية السويسرية ان أهم الوقائع كانت اعادة 684 مليون دوﻻر من اموال الديكتاتور الفلبيني السابق فرديناند ماركوس عام 2003، وأعادت 700 مليون دوﻻر في 2005 من اموال رئيس نيجيريا اﻷسبق ساني أباتشا، بالاضافة الي حاﻻت مشابهة في اعادة اموال الي بيرو وكازاخستان والمكسيك وأنجوﻻ وهاييتي، وتبلغ قيمة اﻷموال المجمدة حاليا في البنوك السويسرية 5 مليارات فرنك بعضها يرجع لمتهمين في قضايا اجرامية واخرين من المسئولين السابقين. ويوضح تاريخ سويسرا في التعامل مع الأموال المجمدة للقادة الفاسدين الي ان هناك حالتين فقط يتم خلالهما غض النظر عن الاجراءات القانونية ﻻعادة الاموال الي شعوب الدول التي نهبت منها، وهما عدم وجود أجهزة دولة مستقرة وسلطات قضائية قادرة علي اثبات العلاقة بين اﻷموال المنهوبة واﻷرصدة في البنوك السويسرية، والحالة الثانية وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان وهما حالتان ﻻ تنطبقان علي مصر، باعتبار ان مؤسسات الدولة قائمة والنيابة العامة تقوم بدورها في مساعدة السلطات السويسرية كما ان انتهاكات حقوق الانسان في عهد مبارك لم تكن علي نطاق واسع يتطلب اصدار قرار بتسليم اﻷموال المجمدة. وأكدت مصادر دبلوماسية سويسرية ما قاله النائب العام لوبير في مؤتمر صحفي منذ أيام بأن سويسرا لن تستفيد باﻷموال المجمدة لأنها إما ان تعود للشعب المصري في حالة اثبات علاقتها بالفساد، أو تعود لمبارك ورموز نظامه أصحاب الأرصدة المجمدة، كما ان 590 مليون فرنك سويسري (قيمة الأموال المصرية المجمدة) ﻻ تمثل سوي جزء ضئيل جدا من حجم الودائع المالية في البنوك السويسرية التي تبلغ 2200 مليار فرنك سويسري، بالاضافة الي تحمل سويسرا تكلفة التحقيقات القضائية علي مدار السنوات الخمسة الماضية.